لما عاد شهاب الدين إلى غزنة راح بها أياما حتى استراحت عساكره. ثم سار غازيا إلى بلاد الهند سنة سبع وأربعين وخمسمائة وحاصر مدينة أجرة وبها ملك من ملوكهم فلم يظفر منه بطائل، فراسل امرأة الملك في أنه يتزوّجها إذا ملك البلد، فأجابت بالعذر، ورغبت في ابنتها فأجاب فقتلت زوجها بالسمّ وملّكته البلد، فأخذ الصبية وأسلمت، وحملها إلى غزنة ووسّع عليها الجراية، ووكّل بها من يعلّمها القرآن حتى توفت والدتها، وتوفت هي من بعدها لعشر سنين، ولما ملك البلد سار في نواحي الهند فدوّخها، وفتح الكثير منها، وبلغ منها ما لم يبلغه أحد قبله.
[(حروب شهاب الدين مع الهنود وفتح دهلي وولاية قطب الدين أيبك عليها)]
ولما اشتدّت نكاية شهاب الدين في بلاد الهند، تراسل ملوكهم وتلاوموا بينهم وتظاهروا على المسلمين، وحشدوا عساكرهم من كل جهة، وجاءوا بقضهم وقضيضهم في حكم امرأة ملكت عليهم، وسار هو في عساكره من الغوريّة والخلخ والخلنجية والخراسانية وغيرهم، والتقوا فمحّص الله المسلمين وأثخن فيهم الكفرة بالقتل. وضرب شهاب الدين في يده اليسر فشلّت، وعلى رأسه فسقط عن فرسه، وحجز بينهم الليل وحمله جماعة من غلمانه إلى منجاته ببلده. وسمع الناس بنجاته فتباشروا ووفدوا عليه من كل جهة، وبعث إليه أخوه غياث الدين بالعساكر، وعذله في عجلته. ثم ثارت الملكة ثانيا إلى بلاد شهاب الدين بالعساكر، وبعثت إلى شهاب الدين بالخروج عن أرض الهند إلى غزنة، فأجاب إلى ذلك بعد أن يستأذن أخاه غياث الدين وينظر جوابه. وأقاموا على ذلك وقد حفظ الهنود مخاضات النهر بينهم وهو يحاول العبور فلا يجد، وبينما هو كذلك جاءه بعض الهنود، فدلّه على مخاضة فاستراب به حتى عرفه قوم من أهل أجرة والملتان. وبعث الأمير الحسن بن