للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خوزستان، واتفقوا مع برسق بن برسق. ثم تدارك الخليفة رأيه وبعث إلى الأمراء الذين مع دبيس بالأمان، وكانوا لما ردّهم الخليفة بسبب دبيس أجمعوا القبض عليه، وخدمة الخليفة به. وشعر بهم وهرب إلى السلطان مسعود. وبرز الخليفة من بغداد في رجب من سنة تسع وعشرين وخمسمائة لقتال مسعود، وكتب إليه أكثر أهل الأعمال بالطاعة. وأرسل إليه داود ابن السلطان محمود من أذربيجان بأن يقصد المسترشد الدّينور ليحضر داود حربه فأبى، وسار على التعبية حتى بلغ وأعرج [١] فالتقوا هنالك. وانهزمت عساكر المسترشد وأخذ أسيرا ومعه وزيره شرف الدين عليّ بن طراد، وقاضي القضاة، وابن الأنباري، وجماعة من أعيان الدولة. وغنم ما في عسكره وعاد السلطان إلى بغداد. وبعث الأمير بكاية شحنة إلى بغداد، وكثر العويل والبكاء والضجيج ببغداد على الخليفة، وجعل الخليفة في خيمة ووكّل به، وراسله السلطان مسعود في الصلح، وشرط عليه مالا يؤدّيه، ولا يجمع العساكر ولا يخرج من داره ما بقي، وانعقد ذلك بينهما. وبينما هما في ذلك وصل رسول السلطان سنجر فركب السلطان مسعود للقائه، وافترق المتوكّلون بالمسترشد فدخل عليه خيمته آخر ذي القعدة من سنة تسع وعشرين وخمسمائة جماعة الباطنية، وقتلوه وقتلوا معه جماعة من أصحابه. ولما قتل المسترشد اتهم السلطان مسعود أن دبيس بن صدقة دسّ أولئك النفر عليه فأمر بقتله، وقصده غلام فوقف على رأسه عند باب خيمته، وهو ينكث الأرض بإصبعه فأطار رأسه وهو لا يشعر. وبلغ الخبر إلى ابنه صدقة وهو بالحلّة، فاجتمعت إليه عساكر أبيه ومماليكه، واستأمن إليه الأمير قطلغ تكين وأمر السلطان مسعود الشحنة بك آيه بمعاجلته، وأخذ الحلّة من يده إلى أن قدم السلطان بغداد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة فقصده صدقة وأصلح حاله معه ولزم بابه.

[(مقتل صدقة وولاية ابنه محمد)]

ولما قتل المسترشد ولي ابنه الراشد بإشارة السلطان مسعود، ثم حدثت الفتنة بينه وبين السلطان مسعود، وأغراه بها عماد الدين زنكي صاحب الموصل، ومعه الراشد.


[١] دايمرج: ابن الأثير ج ١١ ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>