للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مائة ألف دينار، ثم عجز عن الوزارة وضاقت الأموال وانقطعت، وطمع أهل الأعمال فيما بأيديهم، فقطع ابن رائق حمل واسط والبصرة وقطع ابن البريدي حمل الأهواز وأعمالها، وانقطع حمل فارس لغلب ابن بويه عليها، ولم يبق غير هذه الأعمال ونطاق الدولة قد تضايق إلى الغاية، وأهل الدولة مستبدّون على الخلافة والأحوال متلاشية، فتحيّر أبو جعفر وكثرت عليه المطالبات وذهبت هيبته، فاختفى لثلاثة أشهر ونصف من وزارته واستوزر الراضي مكانه أبا القاسم سليمان بن الحسن، فكان حاله مثل حال من قبله في قلّة المال ووقوف الحال.

[استيلاء ابن رائق على الخليفة]

ولما رأى الراضي وقوف الحال من الوزراء استدعى أبا بكر محمد بن رائق من واسط وكاتبه بأنه قد أجابه إلى ما عرض من السعي في الوزارة على القيام بالنفقات وأرزاق الجند، فسرّ ابن رائق بذلك وشرع يتجهّز للمسير. ثم أنفذ إليه الراضي الساجيّة وقلّده إمارة الجيش، وجعله أمير الأمراء، وفوّض إليه الخراج والدواوين والمعادن في جميع البلاد، وأمر بالخطبة له على المنابر، وانحدر إليه الدواوين والكتّاب والحجّاب.

ولما جاءه الساجيّة قبض عليهم بواسط في ذي الحجة من سنة أربع وعشرين، ونهب رجالهم ودوابهم ومتاعهم ليوفّر أرزاقهم على الحجرية، فاستوحشوا لذلك وخيّموا بدار الخلافة، وأصعد ابن رائق إلى بغداد وفوّض الخليفة إليه أمرهم. وأمر الحجريّة بتقويض خيامهم والرجوع إلى منازلهم، وأبطل الدواوين وصيّر النظر إليه، فلم يكن الوزير ينظر في شيء من الأمور. وبقي ابن رائق وكتّابه ينظرون في جميع الأمور فبطلت الدواوين وبيوت الأموال من يومئذ وصارت لأمير الأمراء، والأموال تحمل إلى خزانته، ويتصرّف فيها كما يريد، ويطلب من الخليفة ما يريد. وتغلّب أصحاب الأطراف وزال عنهم الطاعة. ولم يبق للخليفة إلّا بغداد وأعمالها وابن رائق مستبد عليه. وأمّا باقي الأعمال فكانت البصرة في يد ابن رائق، وخوزستان والأهواز في يد ابن البريدي، وفارس في يد عماد الدولة ابن بويه، وكرمان في يد عليّ بن الياس، والري وأصبهان والجبل في يد ركن الدولة ابن بويه، ووشمكير أخو مرداويج ينازعه في هذه الأعمال، والموصل وديار بكر ومضر وربيعة في يد حمدان، ومصر والشام في يد ابن طغج، والمغرب وإفريقية في يد العبيديين، والأندلس في يد

<<  <  ج: ص:  >  >>