للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مباشرة الناس، وقال إنه مفسد للهيبة فتلطّف في ردّه ولم يجبه إليه ففسدت النيّة بينهما، واستفسدوا كتامة وأغروهم به وذكروهم بما أخذه من أموال إيكجان، واستأثر به دونهم وألقوا إليهم أن هذا ليس هو الإمام المعصوم الّذي دعونا إليه، حتى بعث إلى المهدي رجل كان في كتامة يعرف بشيخ المشايخ، وقال له: جئنا بآية على أمرك فقد شككنا فيك، فقتله المهدي. ثم عظمت استرابتهم واتفقوا على قتل المهدي، وداخلهم في ذلك أبو زاكي تمام بن معارك وغيره من قبائل كتامة. ونمي الخبر إلى المهدي فتلطف في أمرهم، وولّى من داخلهم من قوّاد كتامة على البلاد، فبعث تمام بن معارك على طرابلس، وبعث إلى عاملها ماكنون بقتله، فقتله عند وصوله. ثم اتهم المهدي ابن الغريم بمداخلتهم، وكان من أصحاب زيادة الله فأمر بقتله واستصفاء أمواله، وكان أكثرها لزيادة الله. ثم إنّ المهدي استدعى عروبة بن يوسف، وأخاه حباسة، وأمرهما بقتل الشيعي وأخيه فوقفا لهما عند القصر، وحمل عروبة على أبي عبد الله، فقال له: لا تفعل! فقال: الّذي أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك! ثم أجهز عليهما في نصف جمادى سنة ثمان وتسعين. ويقال إن المهدي صلّى على أبي عبد الله وترحّم عليه، وعلم أن الّذي حمله على ذلك إغراء أبي العبّاس أخيه، وثارت فتنة بسبب قتلهما من أصحابهما فركب المهدي وسكنها. ثم ثارت فتنة أخرى بين كتامة وأهل القيروان، وفشا القتل فيهم فركب المهدي وسكّنها، وكفّ الدعاة عن طلب التشيّع من العامّة وقتل جماعة من بني الأغلب برقادة لما رجعوا إليها بعد زيادة الله.

[(بقية أخبار المهدي بعد الشيعي)]

ولما استقام أمر المهدي بعد الشيعي، جعل ولاية عهده لابنه أبي القاسم نزار، وولّى على برقة وما إليها حباسة بن يوسف. وعلى المغرب أخاه عروبة، وأنزله باغاية فسار إلى تاهرت فاقتحمها، وولّى عليها دواس بن صولات اللهيص. ثم انتقضت عليه كتامة بقتله أبا عبد الله الشيعي، ونصّبوا طفلا لقّبوه المهدي، وزعموا أنه نبيّ وأنّ أبا عبد الله الشيعي لم يمت، فجهّز ابنه ابا القاسم لحربهم فقاتلهم وهزمهم، وقتل الطفل

<<  <  ج: ص:  >  >>