ونهب الأكراد عامّة البلد، وأغلق أبو علي الأبواب دونهم، ومنعهم من الدخول فذهبوا كل مذهب، وذلك كله سنة ثمانين وثلاثمائة.
[(مقتل أبي علي بن مروان وولاية أخيه أبي منصور)]
كان أبو علي بن مروان قد تزوّج بنت سعد الدولة بن سيف الدولة، وزفّت إليه من حلب وأراد البناء بها بآمد فخاف شيخها أن يفعل به وبهم ما فعل في ميّافارقين فحذّر أصحابه منه، وأشار عليهم أن ينثروا الدنانير والدراهم إذا دخل، ويقصدوا بها وجهه فيضربوه فكان كذلك. ثم أغفله وضرب رأسه واختلط أصحابه، فرمى برأسه إليهم، وكرّ الأكراد راجعين إلى ميّافارقين فاستراب بهم مستحفظها أن يملكوها عليه، ومنعهم من الدخول. ثم وصل مهد الدولة أبو منصور بن مروان أخو أبي علي إلى ميّافارقين فأمكنه المستحفظ من الدخول فملكه، ولم يكن له فيه إلا السكّة والخطبة، ونازعه أخوه أبو نصر فأقام بها مضيّقا عليه فغلبه أبو منصور، وبعثه إلى قلعة أسعرد فأقام بها مضيّقا عليه وأمّا آمد فتغلّب عليها عبد الله شيخهم أياما، وزوّج بنته من ابن دمنة الّذي تولّى قتل أبي علي بن مروان فقتله ابن دمنة، وملك آمد وبنى لنفسه قصرا ملاصقا للسور. وأصلح أمره مع مهد الدولة بالطاعة. وهادي ملك الروم وصاحب مصر وغيرهما من الملوك، وانتشر ذكره.
[(مقتل مهد الدولة بن مروان وولاية أخيه أبي نصر)]
ثم إنّ مهد الدولة [١] أقام بميّافارقين، وكان قائده شروة متحكما في دولته. وكان له مولى قد ولّاه الشرطة. وكان مهد الدولة يبغضه ويهمّ بقتله مرارا. ثم يتركه من أجل شروة، فاستفسد مولاه شروة على مهد الدولة لحضوره. فلمّا حضر عنده قتله وذلك سنة اثنتين وأربعمائة ثم خرج على أصحابه وقرابته يقبض عليهم كأنه بأمر مهد الدولة ثم مضى الى ميافارقين ففتحوا له يظنونه مهد الدولة فملكها، وكتب إلى أصحاب
[١] مهذب الدولة: ابن الأثير ج ٩ ص ١٨٣ المختصر في اخبار البشر ج ٢ ص ١٣٦.