للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسار بهم إلى بغداد وولّى المكتفي على مصر عيسى النوشريّ وخرج عليه إبراهيم الخليجي من قوّاد بني طولون يخلف عن محمد بن سليمان، فخلّفه وكثر جمعه وسار النوشريّ إلى الإسكندرية عجزا عن مدافعته، واستولى الخليجي على مصر وبعث المكتفي بالجنود مع فاتك مولى المعتضد وأحمد بن كيغلغ وبدر الحمامي من قوّاد بني طولون، فوصلوا سنة ثلاث وتسعين، وتقدّم أحمد بن كيغلغ وجماعة من القوّاد، فلقيهم قرب العريش فهزمهم وقوي الأمر، وبلغ الخبر إلى المكتفي فعسكر ظاهر بغداد، وانتهى مدّه إلى تكريت فلقيه كتاب فاتك في شعبان يذكر أنهم هزموا الخليجي بعد حروب متّصلة، وغنموا عسكره. ثم هرب واختفى بفسطاط مصر وجاء من دلّ عليه فأمر المكتفي بحمله ومن معه إلى بغداد فبعثوا بهم وحبسوا.

[ابتداء دولة بني حمدان]

وفي سنة اثنتين وتسعين عقد المكتفي على الموصل وأعمالها لأبي الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون العدويّ الثعلبيّ فقدمها أوّل المحرّم وجاء الصريخ من نينوى بأن الأكراد الهدبانيّة ومقدّمهم محمد بن سلّال [١] قد أغاروا على البلاد وعانوا، فخرج في العساكر وعبر الجسر إلى الجانب الشرقيّ، ولقيهم على الحارد [٢] فقاتلهم وقتل من قوّاد سليمان الحمداني [٣] ورجع عنهم، وبعث إلى الخليفة يستمدّه، فأبطأ عليه المدد إلى ربيع من سنة أربع [٤] ، فلما جاءه المدد سار إلى الهدبانيّة وهم مجتمعون في خمسة آلاف بيت، فارتحلوا أمامه واعتصموا بجبل السّلق المشرف على الزاب، فحاصرهم وعرفوا حقّه فخذله أميرهم محمد بن سلال بالمراسلة في الطاعة والرهن، وحثّ أصحابه خلال ذلك في المسير إلى أذربيجان، واتّبعهم أبو الهيجاء فلحقهم صاعدا إلى جبل القنديل فنال منهم، وامتنعوا بذروته. ورجع أبو الهيجاء عنهم فلحقوا بأذربيجان، ووفد أبو الهيجاء على المكتفي فأنجده بالعسكر وعاد إلى الموصل. ثم سار إلى الأكراد بجبل السّلق فدخله وحاصرهم بقنّته، وطال حصارهم واشتدّ البرد وعدمت الأقوات، وطلب محمد بن سلال النجاة بأهله


[١] محمد بن بلال: ابن الأثير ج ٧ ص ٥٣٨.
[٢] الخازر: ابن الأثير ج ٧ ص ٥٣٨.
[٣] وقتل من قواده سيما الحمداني المرجع السابق.
[٤] اي من سنة اربع وتسعين ومائتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>