للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغناء فيها، والكفاية عليها، حتى كان السلطان أبو عنان يقول: وددت لو أصبت رجلا يكفيني ناحية المشرق من سلطاني كما كفاني عامر بن محمد ناحية المغرب، وأتورع، ونافسه الوزراء في مقامه ذلك عند السلطان ورتبته. وانفرد الحسن بن عمر آخر الأمر بوزارة السلطان، واشتدّت منافسته وانتهت إلى العداوة والسعاية.

وكان السلطان بين يدي مهلكه ولّى أبناءه الأصاغر على أعمال ملكه، فعقد لابنه محمد المعتمد على مراكش، واستوزر له، وجعله إلى نظر عامر واستوصاه به. فلمّا هلك السلطان واستقل الحسن بن عمر بالأمر ونصّب السعيد للملك، استقدم الأبناء من الجهات، فبعث عن المعتمد من مراكش فأبى عليه عامر من الوفادة عليهم، وصعد به إلى معقلة من جبل هنتاتة، وبلغ الحسن بن عمر خبره، فجهّز إليه العساكر وأزاح عللهم، وعقد على حربه للوزير سليمان بن داود مساهمه في القيام بالأمر، وسرّحه في المحرم سنة ستين وسبعمائة، فأغذ السير إلى مراكش واستولى عليها، وصعد إلى الجبل فأحاط به، وضيّق على عامر وطاول منازلته. وأشرف على اقتحام معقلة إلى أن بلغه خبر افتراق بني مرين، وخروج منصور بن سليمان من أعياص الملك على الدولة، وأنه منازل للبلد الجديد، فانفضّ العسكر من حوله وتسابقوا إلى منصور بن سليمان، فلحق به الوزير سليمان بن داود وتنفّس الحصار عن عامر، إلى أن استولى السلطان أبو سالم على ملك المغرب في شعبان من سنة ستين وسبعمائة واستقدم عامرا والمعتمد ابن أخيه من مكانهم بالجبل، فقدم عليه وأسلمه إليه كما نذكره إن شاء الله تعالى.

[الخبر عن ظهور أبي حمو بنواحي تلمسان وتجهيز العساكر لمدافعته، ثم تغلبه وما تخلل ذلك من الأحداث]

كان ولد عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن هؤلاء أربعة كما ذكرناه في أخبارهم، وكان يوسف كبيرهم، وكان سكوتا منتحلا لطرق الخير لا يريد علوا في الأرض، ولما هلك أخوه عثمان بتلمسان، عقد له على هنين [١] ، وكان ابنه يوسف بن موسى [٢]


[١] وفي نسخة ثانية: تنس.
[٢] وفي نسخة ثانية: وكان ابنه موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>