للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متقبّلا مذهبه في السكوت والدعة ومجانبة أهل الشرّ، ولما تغلّب السلطان أبو عنان عليهم سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة وفرّ أبو ثابت إلى قاصية المشرق، واستلبهم [١] قبائل زواوة وأرجلوهم عن خيلهم سعوا على أقدامهم، وانتبذ أبو ثابت وأبو زيّان ابن أخيه أبي سعيد وموسى ابن أخيه يوسف ووزيرهم يحيى بن داود ناحية عن قومهم، وسلكوا غير طريقهم، وتقبّض على أبي ثابت ويحيى بن داود محمد بن عثمان، وخلص موسى إلى تونس، فنزل على الحاجب محمد بن تافراكين وسلطانه خير نزل، وأجارهم مع فلّ من قومه خلصوا إليهم وأسنوا جرايتهم. وبعث السلطان أبو عنان فيهم إلى ابن تافراكين فأبى من إسلامهم وجاهر بإجارتهم على السلطان.

ولما استولت عساكر السلطان على تونس، وأجفل عنها سلطانها أبو إسحاق إبراهيم ابن مولانا السلطان أبي يحيى، خرج موسى بن يوسف هذا في جملته، ولما رجع السلطان إلى المغرب صمد المولى أبو إسحاق إبراهيم ابن مولانا السلطان أبي يحيى، وابن أخيه المولى أبي زيد صاحب قسنطينة مع يعقوب بن علي وقومه من الزواودة إلى منازلة قسنطينة وارتجاعها، وسار في جملتهم موسى بن يوسف هذا فيمن كان عنده من زناتة قومه. وكان بنو عامر من زغبة خارجين على السلطان أبي عنان منذ غلبه بنو عبد الواد على تلمسان. وكانت رياستهم إلى صغير بن عامر بن إبراهيم، لحق بإفريقية في قومه ونزلوا على يعقوب بن علي، وجاوروه بحللهم وظعنهم، فلما أفرجوا عن قسنطينة بعد امتناعها، واعتزم صغير على الرحلة بقومه إلى وطنهم من صحراء المغرب الأوسط، دعوا موسى بن يوسف هذا إلى الرحلة معهم لينصبوه للأمر، ويجلبوا به على تلمسان، فخلّى الموحدون سبيله، وأعانوه بما اقتدروا عليه لوقتهم، وعلى حال سفرهم من آلة وفسطاط. وارتحل مع بني عامر، وارتحل مع صولة بن يعقوب بن علي، وزيّان بن عثمان بن سبّاع من أمراء الزواودة، وصغار [٢] بن عيسى في حلل من بني سعيد إحدى بطون رياح. وأغذّوا السير إلى المغرب للعيث في نواحيه. وجمع لهم أقتالهم من سويد أولياء السلطان والدولة، والتقوا بقبلة تلمسان، فانهزمت سويد وهلك عثمان بن ونزمار كبيرهم، وكان مهلك السلطان في خلال ذلك.

وكان السلطان حين استعمل الأبناء على الجهات، عقد لمحمد المهدي من أولاده على


[١] وفي نسخة ثانية: واهتبلتهم.
[٢] وفي نسخة ثانية: دغار.

<<  <  ج: ص:  >  >>