ثم توفي عليّ بن دبيس صاحب الحلّة عليلا بسعدآباد، واتهم طبيبه محمد بن صالح بالادهان فيه فمات بعده بقليل. ثم مات السلطان مسعود آخر ملوك السلجوقيّة الأعاظم. وبويع ملك شاه ابن أخيه محمود بعهده. واستبدّ المقتفي على ملوك السلجوقية بعده. وبعث السلطان ملك شاه سلاركرد إلى الحلّة فملكها، ولحق به مسعود بلاك شحنة بغداد، وهرب منها عند موت السلطان مسعود، وأظهر لسلاركرد الوفاق. ثم قبض عليه وغرّقه، واستبدّ بالحلّة، وبعث المقتفي إليه العساكر مع الوزير عون الدين بن هبيرة، فبرز مسعود بلاك للقائهم، فانهزم وعاد إلى الحلّة فمنعه أهلها من الدخول، فسار إلى تكريت، وملك ابن هبيرة الحلّة، وبعث العساكر إلى الكوفة وواسط فملكوها. ثم جاءت عساكر السلطان ملك شاه إلى واسط، وخرجت منها عساكر المقتفي إلى واسط فملكها، ثم إلى الحلّة كذلك. ثم عاد إلى بغداد آخر ذي القعدة سنة سبع وأربعين وخمسمائة، ثم قبض الأمراء على ملك شاه سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. وبايعوا لأخيه محمد وطلب الخطبة من المقتفي فمنع منها، فسار السلطان محمد بن محمود إلى العراق سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. واضطرب الناس ببغداد واهتم المقتفي بالاحتشاد، وجاءته عساكر واسط، وبعث السلطان مهلهل بن أبي العسكر إلى الحلّة فملكها، وحاصر السلطان محمد بغداد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وامتنعت عليه فرجع، وتوفي المقتفي سنة خمس وخمسين وخمسمائة وبويع ابنه المستنجد، واستبدّ بأمره كما كان أبوه. ومنع خطبة السلجوقيّة من بغداد، وكان في نفسه شيء من بني أسد لاجلابهم على بغداد مع مهلهل بن أبي العسكر، أيام حصار السلطان محمد لها، فأمر بردن بن قماج بقتالهم وإجلائهم، وكانوا منتشرين في البطائح، ولا يقدر عليهم، وجمع عساكره وبعث عن ابن معروف مقدّم المنتفق من أرض البصرة فجاءه في جمع كبير، وحاصرهم حتى انحسر الماء عنهم. وأبطأ أمرهم على المستنجد فبعث إلى بردن يعاتبه وينسبه إلى موافقتهم في التشيع فجهد هو وابن معروف في قتالهم، وسدّ مسالكهم في الماء، واستسلموا فقتل منهم أربعة آلاف، ونودي عليهم بالجلاء من الحلّة فافترقوا في البلاد، ولم يبق منهم