للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كراهية في لقائه وإلّا فتعيش أقطع، ويعيّر ولدك فقال: لا أبيت والطاعون في لحاف واحد، واعتزم على قطعها فلما نظر إلى النار والمكاوي جزع وتركه، وقيل تركه لإشارة شريح وعذل الناس شريحا في ذلك فقال: المستشار مؤتمن. ولما حضرته الوفاة قال له ابنه: قد هيأت لكفنك ستين ثوبا فقال: يا بني قد دنا لأبيك لباس خير من لباسه. ثم مات ودفن بالتوسة قرب الكوفة، وكان يلبس القميص ويرقعه، ولما مات استخلف على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد وكان خليفته على البصرة عبد الله بن عمر بن غيلان وعزل بعد ذلك عبد الله بن خالد عن الكوفة وولّى عليها الضحّاك بن قيس.

[ولاية عبيد الله بن زياد على خراسان ثم على البصرة]

ولما قدم ابنه عبيد الله على معاوية وهو ابن خمس وعشرين سنة قال: من استعمل أبوك على المصرين؟ فأخبره فقال: لو استعملك لاستعملتك. فقال عبيد الله:

أنشدك الله أن يقول لي أحد بعدك لو استعملك أبوك وعمك استعملتك. فولّاه خراسان ووصّاه فكان من وصيته: اتق الله ولا تؤثرنّ على تقواه شيئا، فإنّ في تقواه عوضا وق عرضك من أن تدنسه، وإن أعطيت عهدا فأوف به، ولا تتبعنّ كثيرا بقليل، ولا يخرجن منك أمر حتى تبرمه فإذا خرج فلا يردنّ عليك. وإذا لقيت عدوّك فكبّر أكبر من معك، وقاسمهم على كتاب الله، ولا تطمعنّ أحدا في غير حقه، ولا تؤيسنّ أحدا من حق هو له. ثم ودّعه فسار إلى خراسان أوّل سنة أربع وخمسين، وقدم إليها أسلم بن زرعة الكلابي، ثم قدم فقطع النهر إلى جبال بخارى على الإبل ففتح رامين ونسف وسكند ولقيه الترك فهزمهم وكان مع ملكهم امرأته خاتون، فأعجلوها عن لبس خفيها، فأصاب المسلمون أحدهما وقوّم بمائتي ألف درهم. وكان عبيد الله ذلك اليوم يحمل عليهم وهو يطعن حتى يغيب عن أصحابه ثم يرفع رايته تقطر دما. وكان هذا الزحف من زحوف خراسان المعدودة، وكانت أربعة منها للأحنف بن قيس بقهستان والمرعات وزحف لعبد الله بن حازم قضى فيه جموع فاران وأقام عبيد الله واليا على خراسان سنتين وولاه معاوية سنة خمس وخمسين على البصرة. وذلك أنّ ابن غيلان خطب وهو أمير على البصرة، فحصبه رجل من بني ضبّة فقطع يده فأتاه بنو ضبة يسألونه الكتاب إلى معاوية بالاعتذار

<<  <  ج: ص:  >  >>