للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق بردّه عن طريقه، والقبض على من معه من القوّاد. فلمّا وصل المعتمد إلى عمله أظهر إسحاق طاعته، فارتحل في خدمته إلى أوّل عمل ابن طولون. ثم اجتمع بالمعتمد والقوّاد وفيهم نيزك وأحمد بن خاقان وغيرهم فعذلهم في المسير إلى ابن طولون والمقام تحت يده، وطال الكلام بينهم مليّا ثم دعاهم إلى خيمته للمناظرة في ذلك أدبا مع المعتمد، وقيّدهم وجاء إلى المعتمد فعذله في المسير عن دار خلافته ومغاضبة أخيه، وهو في دفاع عدوّه ومن يريد خراب ملكه، وحمل الجميع إلى سامرّا. وقطع ابن طولون الدعاء للموفق على منابره وأسقط اسمه من الطرز [١] وغضب الموفّق بسبب ذلك على أحمد بن طولون، وحمل المعتمد على أن يشار بلعنه على المنابر. وولّى إسحاق بن كنداج على أعماله وفوّض إليه من باب الشماسية إلى إفريقية، وكان لؤلؤ مولى ابن طولون عاملا على حمص وحلب وقنّسرين وديار مصر من الجزيرة. وكان منزله بالرقّة فانتقض عليه في هذه السنة، وسار إلى بالس فنهبها، وكتب إلى الموفّق فمرّ بقرقيسياء وبها ابن صفوان العقيليّ فحاربه وغلبه عليها وسلّمها إلى أحمد بن مالك بن طوق. ووصل إلى الموفّق في عسكر عظيم وهو يقاتل صاحب الزنج فأكرمه الموفّق وأحسن هو الغناء في تلك الحرب. ثم بعث ابن طولون في تلك السنة جيشه إلى مكة لإقامة الموسم، وعامل مكة هارون بن محمد ففارقها خوفا منهم، وبعث الموفّق جعفرا في عسكر فقوي بهم هارون ولقوا أصحاب ابن طولون فهزموهم وصادروا القائد على ألف دينار. وقرئ الكتاب في المسجد بلعن ابن طولون وانقلب أهل مصر إلى بلدهم آمنين. ولم يزل لؤلؤ في خدمة الموفّق إلى أن قبض عليه سنة ثلاث وسبعين وصادره على أربعمائة ألف وأدبر أمره ثمّ، ثم عاد إلى مصر آخر أيام هارون بن حماديه [٢] .

[وفاة ابن طولون ومسير ابن كنداج إلى الشام]

وفي سنة سبعين انتقض بازمان [٣] الخادم بطرسوس وقبض على نائبة، وسار إليه أحمد بن طولون في العساكر وحاصروه فامتنع عليه، فرجع إلى أنطاكية فمرض هنالك ومات لست وعشرين سنة من ولايته على مصر وولي بعده ابنه خمارويه،


[١] الطرر: حواشي الكتب.
[٢] هارون بن خمارويه: ابن الأثير ج ٧ ص ٤٢٥.
[٣] بازمار الخادم: ابن الأثير ج ٧ ص ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>