بخمسين ألف دينار إذا وصل فلما وصل الى حران لم يف له فقبض عليه ثم خشي معيرة [١] أهل الجزيرة فأطلقه وأعاد عليهم حران والرها وسار في ربيع الأوّل ولقيه نور الدين صاحب كيفا ومعز الدين سنجر شاه صاحب جزيرة ابن عمر وقد انحرف عن عمه عز الدين صاحب الموصل بعد نكبة مجاهد الدين نائبة وساروا كلهم مع صلاح الدين الى الموصل وانتهوا الى مدينة بلد فلقيه هنالك أمّ عز الدين وابنة عمه نور الدين وجماعة من أهل بيته يسألونه الصلح ظنا بأنه لا يردهنّ وسيما بنت نور الدين واستشار صلاح الدين أصحابه فأشار الفقيه عيسى وعلي بن أحمد المشطوب بردّهنّ وساروا الى الموصل وقاتلوها واستمات أهلها وامتعضوا لردّ النساء فامتنعت عليهم وعاد على أصحابه باللوم في اشارتهم وجاء زين الدين يوسف صاحب اربل وأخوه مظفر الدين كوكبري فانزلهما بالجانب الشرقي وبعث علي بن أحمد المشطوب الهكاري الى قلعة الجزيرة ليحاصرها فاجتمع عليه الأكراد الهكارية الى أن عاد صلاح الدين عن الموصل وبلغ عز الدين أنّ نائبة بالقلعة زلقندار يكاتب صلاح الدين فمنعه منها وانحرف عنه الى الاقتداء برأي مجاهد الدين وتصدر عنه ثم بلغه خبر وفاة شاهرين صاحب خلاط فطمع صلاح الدين في ملكها وانه يستعين بها على أموره ثم جاءته كتب أهلها يستدعونه فسار عن الموصل اليها وكان أهل خلاط انما كاتبوه مكرا لأنّ شمس الدين البهلوان ابن ايلدكز صاحب أذربيجان وهمذان قصده تملكهم بعد ان كان زوّج ابنته من شاهرين على كبره وجعل ذلك ذريعة الى ملك خلاط فلما سار اليهم كاتبوا صلاح الدين ودافعوا كلا منهما بالآخر فسار صلاح الدين وفي مقدمته ناصر الدين محمد بن شيركوه ومظفر الدين صاحب اربل وغيرهما وتقدّموا الى خلاط وتقدّم صاحب أذربيجان فنزل قريبا من خلاط وتردّدت رسل أهل خلاط بينه وبين البهلوان ثم خطبوا للبهلوان والله تعالى ينصر من يشاء من عباده.
[استيلاء صلاح الدين على ميافارقين]
ولما خطب أهل خلاط للبهلوان وصلاح الدين على ميافارقين وكانت لقطب الدين صاحب ماردين فتوفي وملك ابنه طفلا صغيرا بعده وردّ أمرها الى شاهرين صاحب خلاط وأنزل بها عسكره فطمع فيها صلاح الدين بعد وفاة شاهرين وحاصرها من أوّل جمادى سنة احدى
[١] وهي تصحيف عن معرة: بمعنى الأذى، الغرم، الجنابة. ومعرة الجيش: ان ينزلوا بقوم فيأكلوا من زرعهم شيئا بغير علم «قاموس»