للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الفتنة بين ناصر الدولة ومعز الدولة بن بويه)]

قد تقدم لنا ما وقع من الصلح بين ناصر الدولة وبين معز الدولة بن بويه، وطالبه في المال فانتقض. وسار إليه معز الدولة إلى الموصل منتصف السنة وملكها، وفارقها ناصر الدولة إلى نصيبين وحمل نوابه ومن يعرف وجوه المال وحمايته، وأنزلهم في قلاعه مثل الزعفرانيّ وكواشي ودس إلى العرب بقطع الميرة عن عسكر معز الدولة فضاقت عليهم الأقوات، فرحل معز الدولة إلى نصيبين لما بها من الغلات السلطانية، واستخلف سبكتكين الحاجب الكبير على الموصل، وبلغه في طريقه أن أبا الرجاء وعبد الله ابني ناصر الدولة مقيمان بسنجار فقصدهما فهربا، وخلفا أثقالهما وانتهب العسكر خيامهما. ثم عادا إلى معسكر معز الدولة وهم غازون فنالوا منهم، ورجعوا إلى سنجار، وسار معز الدولة إلى نصيبين ففارقها ناصر الدولة إلى ميافارقين، واستأمن كثير من أصحابه إلى معز الدولة، فسار ناصر الدولة إلى أخيه سيف الدولة بحلب، فقام بخدمته وباشرها بنفسه. وأرسل إلى معز الدولة في الصلح بينه وبين أخيه، فامتنع معز الدولة من قبول ناصر الدولة لانتقاضه وإخلافه، فضمن سيف الدولة البلاد بألفي ألف وتسعمائة ألف درهم، وأطلق معز الدولة أسرى أصحابهم.

وتم ذلك في محرم سنة ثمان وأربعين ورجع معز الدولة إلى العراق وناصر الدولة إلى الموصل.

[(استيلاء الروم على عين زربة ثم على مدينة حلب)]

وفي المحرم من سنة إحدى وخمسين نزل الدمستق في جموع الروم على عين زربة وملك الجبل المطل عليها، وضيق عليها حصارها ونصب عليها المنجنيقات. وشرع في النقب فاستأمنوا ودخل المدينة. ثم ندم على تأمينهم لما رأى من اختلال أحوالهم، فنادى فيهم أن يخرجوا بجميع أهاليهم إلى المسجد فمات منهم في الأبواب بكض الزحام خلق، ومات آخرون في الطرقات، وقتل من وجدوا آخر النهار، واستولى الروم على أموالهم وأمتعتهم وهدموا سور المدينة، وفتحوا في نواحي عين زربة أربعة وخمسين

<<  <  ج: ص:  >  >>