للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصنا. ورحل الدمستق بعد عشرين يوما بنية العود، وخلف جيشه بقيسارية وكان ابن الزيات صاحب طرسوس قد قطع الخطبة لسيف الدولة بن حمدان، واعترضه الدمستق في بعض مذاهبه فأوقع به، وقتل أخاه وأعاد أهل البلد الخطبة لسيف الدولة، وألقى ابن الزيات نفسه في النهر فغرق. ثم رجع الدمستق إلى بلاد الثغور، وأغذ السير إلى مدينة حلب، وأعجل سيف الدولة عن الاحتشاد فقاتله في خف من أصحابه فانهزم سيف الدولة، واستلحم آل حمدان واستولى الدمستق على ما في داره خارج حلب من خزائن الأموال والسلاح. وخرب الدار وحصر المدينة، وأحس أهل حلب مدافعته فتأخر إلى جبل حيوش [١] ثم انطلقت أيدي الدعار بالبلد على النهب، وقاتلهم الناس على متاعهم، وخربت الأسوار من الحامية فجاء الروم ودخلوها عليهم وبادر الأسرى الذين كانوا في حلب وأثخنوا في الناس، وسبي من البلد بضعة عشر ألفا ما بين صبي وصبية واحتمل الروم ما قدروا عليه وأحرقوا الباقي.

ولحأ المسلمون إلى قصبة البلد فامتنعوا بها، وتقدم ابن أخت الملك إلى القلعة يحاصرها فرماه حجر منجنيق فمات وقتل الدمستق به من كان معه من أسرى المسلمين وكانوا ألفا ومائتين. وارتحل الدمستق عنهم ولم يعرض لسواد حلب وأمرهم بالعمارة على أنه يعود ابن عمه عن قريب فخيب الله ظنه. وأعاد سيف الدولة عين زربة وأصلح أسوارها وغزا حاجبه مع أهل طرسوس إلى بلاد الروم فأثخنوا فيها ورجعوا. فجاء الروم إلى حصن سبة فملكوه وملكوا أيضا حصن دلوكة وثلاثة حصون مجاورة لهم. ثم سار نجا غلام سيف الدولة إلى حصن زياد فلقيهم جمع من الروم فانهزم الروم وأسر منهم خمسمائة رجل. وفي هذه السنة أسر أبو فراس بن سعيد بن حمدان وكان عاملا على منبج وفيها سار جيش من الروم في البحر إلى جزيرة إقريطش، وبعث إليهم المعز بالمدد فأسر الروم وانهزم من بقي منهم. ثم ثار الروم في اثنتين وخمسين بعدها بملكهم فقتلوه وملكوا غيره وصار ابن السميسرة دمستقا.


[١] جبل جوشن: ابن الأثير ج ٨ ص ٥٤٠.
ابن خلدون م ٢٠ ج ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>