للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبّاس عن قسنطينة دار إمارته ومثوى عزّه ومنبت ملكه، فأوعز إلى عاملها منصور ابن مخلوف بالنزول له عنها وسرّحه إليها وسرّح معه الأمير أبا عبد الله ابن عمّه لطلب حقّه في بجاية، والاجلاب على عمّه السلطان عبد الحق جزاء بما نال من بني مرين عند افتتاحها من المعرّة. وارتحلوا من تلمسان في جمادى من سنة إحدى وستين وسبعمائة وأغذّوا السير إلى مواطنهم. فأمّا السلطان أبو العباس فوقف منصور بن خلوف عامل البلد على خطاب سلطانه بالنزول عن قسنطينة فنزل وأسلمها إليه، وأمكنه منها فدخلها شهر رمضان سنة إحدى وستين وسبعمائة واقتعد سرير ملكه منها وتباشرت بعودته مقاصر قصورها فكانت مبدأ سلطانه ومظهرا لسعادته ومطلعا لدولته على ما نذكر بعد. وأمّا الأمير أبو عبد الله صاحب بجاية فلحق بأوّل وطنها، واجتمع إليه أولاد سبّاع أهل ضاحيتها وقفرها من الزواودة. ثم زحف إليها فنازلها أياما وامتنعت عليه فرحل عنها إلى بني ياورار، واستخدم أولاد محمد بن يوسف والعزيز بين أهل ضاحيتها من سدويكش. ثم نزعوا عنه إلى خدمة عمّه ببجاية فخرج إلى القفر مع الزواودة إلى أن كان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن وصول الأمير أبي يحيى زكريا من تونس وافتتاحه بونة واستيلائه عليها)]

كان الأمير أبو يحيى زكريا منذ بعثه أخوه أبو العبّاس إلى عمّهما السلطان أبي إسحاق صريخا لم يزل مقيما بتونس، وبلغه استيلاء السلطان أبي عنّان على قسنطينة وهو بتونس ثم لما كانت عودة مولانا أبي العبّاس من المغرب واستيلاؤه على قسنطينة فخشي الحاجب أبو محمد بن تافراكين بادرته، وتوقع زحفه إليها [١] وغلبه إياه على الأمر. ورأى أن يخفض [٢] جناحه في أخيه، ويتوثّق به فاعتقله بالقصبة تحت كرامة ورعي، وبعث فيه السلطان أبو الحسن بعد مراوضة في السلم فأطلقه وانعقد بينهما السلم. ولمّا وصل الأمير أبو يحيى ابن أخيه بقسنطينة عقد له عن العساكر


[١] وفي نسخة ثانية: إليه.
[٢] وفي نسخة ثانية: يحصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>