للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصاروها نجما لعمله واستمرّت حالها على ذلك إلى أن كان من أمرها ما نذكره إن شاء الله تعالى.

(الخبر عن استيلاء الأمير أبي عبد الله على بجاية ثم على تدلس بعدها) لما قدم السلطان أبو عبد الله من المغرب ونازل بجاية فامتنعت عليه خرج إلى أحياء العرب كما قدّمناه ولزم صحابته أولاد يحيى بن علي بن سبّاع بعد توالي الوفاد بها [١] وأقام بين ظهرانيهم وفي حللهم ومتعهدا في طلب بجاية برحلة الشتاء والصيف وتكفّلوا، نفقة عياله ومؤنة حشمه وأنزلوه بتلك المسيلة من أوطانهم، وتجافوا له عن جبايتها [٢] وأقام على ذلك سنين خمسا ينازل بجاية في كل سنة منها مرارا، وتحوّل في السنة الخامسة عنهم إلى أولاد علي بن أحمد، ونزل على يعقوب بن عليّ فأسكنه بمقرّه من بلاده إلى أن بدا لعمّه المولى أبي إسحاق رأيه في اللحاق بتونس لما توقع من مهلك حاجبه وكافله أبي محمد بن تافراكين، أسره إليه بعض الجند فحذّره مغبّته ووقع من ذلك في نفوس أهل بجاية انحراف عنه وحرج أمره [٣] وراسلوا أميرهم الأقدم أبا عبد الله من مكانه بمقرّه وظاهره على ذلك يعقوب بن علي وأخذ له العهد على رجالات سدويكش أهل الضاحية، وارتحلوا معه إلى بجاية ونازلها أياما. ثم استيقن الغوغاء اعتزام سلطانهم على التقويض عنهم، وسئموا ملكة علي بن صالح الّذي كان عريفا عليهم فثاروا به ونبذوا عهده وانفضوا من حوله إلى الأمير أبي عبد الله بالحرسة من ساحة البلد. ثم قاد إليه عمه أبا إسحاق فمرّ عليه وخلّى سبيله إلى حضرته فلحق بها واستولى أبو عبد الله على بجاية محل إمارته في رمضان سنة خمس وستين وسبعمائة وتقبّض على عليّ بن أبي صالح [٤] ومن معه من عرفاء الغوغاء أهل الفتنة فاستصفى أموالهم، ثم أمضى حكم الله في قتلهم. ثم نهض إلى تدلس


[١] وفي نسخة ثانية: فغربوا في الوفاء بها.
[٢] وفي نسخة ثانية: جبايتهم.
[٣] وفي نسخة أخرى: ومرج أمرهم.
[٤] وفي نسخة أخرى: علي بن صالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>