للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثاقهما، حتى قضى منسك الأضحى. ولما كان ختم سنته أمر بهما فجنبا إلى مصارعهما وقتل عيسى قعصا بالرماح، وقطع ابنه أبو يحيى من خلاف، وأبى من مداواة قطعه، فلم يزل يتخبّط في دمه إلى أن هلك لثالثة [١] قطعه، وأصبحا مثلا في الآخرين، وعقد على جبل الفتح وسائر ثغور الأندلس لسليمان بن داود إلى أن كان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى.

(الخبر عن نهوض السلطان الى فتح قسنطينة وفتحها ثم فتح تونس عقبها)

لما هلك الحاجب محمد بن أبي عمرو، عقد السلطان على ثغور بجاية وما وراءها من بلاد إفريقية لوزيره عبد الله بن علي بن سعيد، وسرّحه إليها وأطلق يده في الجباية والعطاء. وكانت جبال ضواحي قسنطينة قد تملكها السلطان لما كانت الزواودة متغلّبة عليها. وكان عامّة أهل ذلك الوطن قبائل سدويكش، وعقد السلطان عليهم لموسى ابن إبراهيم بن عيسى، وأنزله بتاوريرت آخر عمل بجاية في أقاربه وولده وصنائعه.

ولما نزل ابن أبي عمرو بجاية وأخذ بمخنق قسنطينة، ثم أرحل عنها على ما عقد من السلم مع المولى الأمير أبي زيد، أنزل موسى بن إبراهيم بميلة، فاستقرّ بها. ولمّا ولي الوزير عبد الله بن علي أمر إفريقية، أوعز إليه السلطان بمنازلة قسنطينة، فنزلها سنة سبع وخمسين وسبعمائة وأخذ بمخنقها، ونصب المنجنيق عليها، واشتدّ الحصار بأهلها، وكادوا أن يلقوا باليد لولا ما بلغ العسكر من الإرجاف بمهلك السلطان فأفرجوا عنها، ولحق المولى أبو زيد ببونة، وأسلم البلد إلى أخيه مولانا الأمير أبي العبّاس أيّده الله تعالى، عند ما وصل إليه من إفريقية، كان بها مع العرب طالبا ملكهم بتونس، ومجلبا بهم على ابن تافراكين منذ نازلوا تونس سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة كما مرّ، فلمّا رجع الآن إلى قسنطينة مع خالد بن حمزة، داخل المولى أبا زيد في خروجه إلى حصار تونس، وإقامة مولانا أبي العبّاس بقسنطينة، فأجاب لذلك وخرج معه، ودخل مولانا أبو العبّاس إلى قسنطينة، ودعا لنفسه، وضبط قسنطينة وكان مدلا ببأسه وإقدامه، وداخله بعض المنحرفين من بني مرين من أولاد


[١] وفي نسخة ثانية: لثانية

<<  <  ج: ص:  >  >>