للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان فلقيه أثناء طريقه، وتقدّم إلى البلد فملكها واستولى على ذخيرتها ابن يملول ونزل بقصوره فوجد بها من الماعون والمتاع والسلاح وآنية الذهب والفضّة ما لا يعدّ لأعظم ملك من ملوك الأرض، وأحضر بعض الناس ودائع كانت لهم عنده من نفيس الجواهر والحلي والثياب وبرءوا منها إلى السلطان.

وعقد السلطان على توزر لابنه المنتصر وأنزله قصور ابن يملول، وجعل إليه إمارتها واستقدم السلطان الخلف بن الخلف صاحب نفطة فقدم عليه وآتاه طاعته، وعقد له على بلده وولاية حجابة ابنه بتوزر، وأنزله معه وقفل إلى حضرته. وقد كان أهل الخلاف من العرب عند تغلّبه على أمصار الجريد إلى التلول، فلما قصد حضرته اعترضوه دونها فأوقع بهم وفلّ من عزمهم، وأجفلوا إلى الجهات الغربية يؤمّلون منها ظفرا لما كان ابن يملول قد منهم ونصر ابن عمه منصور صريخين به على عادة صريخهم بأبي تاشفين سلفه فدافعهم بالمواعدة، وتبينوا منها عجزه وانكفئوا راجعين. ووفد صولة على السلطان بعد أن توثق لنفسه فاشترط له على قومه ما شاء، ورجع إليهم فلم يرضوا بشرطه ونهض السلطان من الحضرة في العساكر الأولياء من العرب، وأجفلوا أمامهم فأتبعهم وأوقع بهم ثلاث مرّات وافقوه فيها. ثم أجفلوا ولحقوا بالقيروان وقدم وفدهم على السلطان والاشتراط له كما يشاء، فتقبّل ووسعهم عفوه، وصاروا إلى الانقياد والاعتمال في مذاهب السلطان ومرضاته، وهم على ذلك لهذا العهد.

[(الخبر عن ثورة أهل قفصة ومهلك ابن الخلف)]

لما استقل الخلف بن علي بن الخلف بحجابة المنتصر ابن السلطان. وعقد له مع ذلك على عمله بنفطة فاستخلف عليها عامله، ونزل بتوزر مع المنتصر. ثم سعى به أنه يداخل ابن يملول ويراسله فبثّ عليه العيون والأرصاد، وعثر على كتابه بخط كاتبه المعروف إلى ابن يملول وإلى يعقوب بن علي أمير الزواودة يحرّضهما على الفتنة، فتقبّض عليه وأودعه السجن. وبعث عمّاله إلى نفطة واستولى على أمواله وذخائره، وخاطب أباه في شأنه فأمهله بعد أن تبين نقضه للطاعة وسعيه في الخلاف. وكان السلطان قبل فتح نفطة قد نزع إليه من بيوتاتها أحمد بن أبي يزيد، وسار في ركابه إليها. فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>