للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان أياما. ثم أجفلوا أمامه وغلبهم السلطان على رعاياهم من تحيزه [١] ، وكانوا من بقايا بني يفرن عمّروا ضواحي إفريقية مع ظواعن هوّارة ونفوسة ومغراوة [٢] . وكانت للسلطان عليهم مغارم وجبايات وافرة، فلمّا تغلّب المغرب على بسائط إفريقية وتنافسوا في الاقطاعات كانت ظواعن مر نجيزة هؤلاء في اقطاع أولاد حمزة، فكانت جبايتهم موفورة وما لهم دثرا بما صاروا مددا لهم بالمال والكراع والدروع والأدم، وبالفرسان منهم يستظهرون بهم في حروبهم مع السلطان ومع قومهم، فاستولى السلطان عليهم في هذه السنة واكتسح أموالهم، وبعث رجالهم أسرى إلى سجون الحضرة وقطع بها عنهم أعظم مادّة كانت تمدّهم، فخمد ذلك من عتوّهم وقصّ من جناحهم إلى آخر الدهر، ووهنوا له. ثم عاد السلطان إلى حضرته وافترق أشياعه، ونزع عنهم أبو صعنونة فتألف على أولاد أبي الليل، وزحفوا إلى الحضرة فاحتلوا بساحتها أياما وشنوا الغارات عليها. ثم انفضّوا عنها وخرج على أثرهم لأوّل فصل الشتاء، وتساحل إلى سوسة والمهدية فاقتضى مغارم الأوطان التي كانت لأبي صعنونة، ثم رجع إلى القيروان وارتحل منها يريد قفصة وجمع أولاد أبي الليل لمدافعة عنها، وسرّب فيهم صاحب توزر الأموال فلم تغن عنه. وزحف السلطان إلى قفصة فنازلها ثلاثا ولجّوا في عصيانهم وقاتلوه بجمع الأيدي على قطع نخيلهم وتسايلت إليه الرعيّة من أماكنهم، وأسلموا أحمد بن القائد مقدّمهم وابنه محمد المستبدّ عليه لكبره وذهوله، فخرج إلى السلطان واشترط ما شاء من الطاعة والخراج ورجع إلى البلد وقد ماج أهلها بعضهم في بعض، وهموا بالخروج فسابقهم ابنه أحمد المستبدّ على أبيه، وكان السلطان سرّح أخاه أبا يحيى في الخاصة والأولياء إلى البلد، فلقيه محمد بنواحي ساحتها فبعث به إلى السلطان، ودخل هو إلى القصبة وتملّك البلد وتقبّض السلطان على محمد بن القائد لوقته، وسيق إليه أبوه أحمد من البلد فجعل معه واستولى على داره وذخائره.

واجتمع المدد والكافّة من أهل البلد عند السلطان، وآتوه بيعتهم وعقد عليها لابنه أبي بكر، وارتحل يغذّ السير إلى توزر وقد طار الخبر بفتح قفصة إلى ابن يملول فركب لحينه، واحتمل أهله وما خفّ من ذخائره ولحق بالزاب. وطيّر أهل توزر بالخبر إلى


[١] وفي نسخة ثانية: فرنجيزة.
[٢] وفي نسخة ثانية: نغزاوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>