المبتدئ بما فيه من البراهين الوثيقة المباني وهو كتاب جليل القدر أدركنا المشيخة تعظّمه وهو كتاب جدير بذلك. وساوق فيه المؤلّف رحمه الله كتاب فقه الحساب، لابن منعم والكامل للأحدب، ولخّص براهينها وغيّرها عن اصطلاح الحروف فيها إلى علل معنويّة ظاهرة، هي سرّ الإشارة بالحروف وزبدتها. وهي كلّها مستغلقة، وإنّما جاءه الاستغلاق من طريق البرهان ببيان [١] علوم التّعاليم لأنّ مسائلها وأعمالها واضحة كلّها. وإذا قصد شرحها فإنّما هو إعطاء العلل في تلك الأعمال. وفي ذلك من العسر على الفهم ما لا يوجد في أعمال المسائل فتأمّله. والله يهدي بنوره من يشاء وهو القويّ المتين
. ومن فروعه الجبر والمقابلة.
وهي صناعة يستخرج بها العدد المجهول من قبل المعلوم المفروض إذا كان بينهما نسبة تقتضي ذلك. فاصطلحوا فيها على أن جعلوا للمجهولات مراتب من طريق التّضعيف بالضّرب. أوّلها العدد لأنّه به يتعيّن المطلوب المجهول باستخراجه من نسبة المجهول إليه وثانيها الشّيء لأنّ كلّ مجهول فهو من جهة إبهامه شيء وهو أيضا جذر لما يلزم من تضعيفه في المرتبة الثّانية وثالثها المال وهو أمر مبهم وما بعد ذلك فعلى نسبة الأسّ في المضروبين. ثمّ يقع العمل المفروض في المسألة فتخرج إلى معادلة بين مختلفين أو أكثر من هذه الأجناس فيقابلون بعضها ببعض ويجبرون ما فيها من الكسر حتّى يصير صحيحا. ويحطّون المراتب إلى أقلّ الأسوس إن أمكن حتّى يصير إلى الثّلاثة الّتي عليها مدار الجبر عندهم وهي العدد والشّيء والمال. فإن كانت المعادلة بين واحد وواحد تعيّن فالمال والجذر يزول إبهامه بمعادلة العدد ويتعيّن.
والمال وإن عادل الجذور فيتعيّن بعدّتها. وإن كانت المعادلة بين واحد واثنين أخرجه العمل الهندسيّ من طريق تفصيل الضّرب في الاثنين وهي مبهمة فيعيّنها ذلك الضّرب المفصّل. ولا يمكن المعادلة بين اثنين واثنين. وأكثر ما انتهت