منه بعدة قطع وأسروا من وجدوا فيها وبعث العادل إلى صاحب عكا يحتج عليه بالصلح فاعتذر بأنّ أهل قبرص في طاعة الإفرنج الذين بالقسطنطينية وأنه لا حكم له عليهم فخرج العادل في العساكر إلى عكا حتى صالحه صاحبها على إطلاق أسرى من المسلمين ثم سار إلى حمص ونازل القلعتين عند بحيرة قدس ففتحه [١] وأطلق صاحبه وغنم ما فيه وخربه وتقدّم إلى طرابلس فاكتسح نواحيها اثني عشر يوما وعاد إلى بحيرة قدس وراسله الإفرنج في الصلح فلم يجبهم وأظله الشتاء فأذن لعساكر الجزيرة في العود إلى بلادهم وترك عند صاحب حمص عسكرا أنجده بهم وعاد إلى دمشق فشتى بها والله أعلم.
[غارات الكرج على خلاط وأعمالها وملكهم أرجيش]
ولما ملك الأوحد نجم الدين خلاط كما مرّ ردّد الكرج الغارات على أعمالها وعاثوا فيها ثم ساروا سنة خمس وستمائة إلى مدينة أرجيش فحاصروها وملكوها عنوة واستباحوها وخرّبوها وخام نجم الدين عن لقائهم ومدافعتهم إلى أن انتقض عليه أهل خلاط لما فارقها ووقع بينه وبينهم ما مرّ ثم سار الكرج سنة تسع إلى خلاط وحاصروها وحاربهم الأوحد وهزمهم وأسر ملكهم ثم فاداه بمائة ألف دينار وخمسة آلاف أسير وعلى الهدنة مع المسلمين وأن يزوّج بنته من الأوحد فانعقد ذلك والله تعالى أعلم بغيبة.
[استيلاء العادل على الخابور ونصيبين من عمل سنجار وحصارها]
قد تقدّم لنا أنّ قطب الدين زنكي بن محمود بن مودود صاحب سنجار والخابور ونصيبين وما إليها كانت بينه وبين ابن عمه نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود صاحب الموصل عداوة مستحكمة وفتنة متصلة وزوّج نور الدين صاحب الموصل بنته من ابن العادل بن أيوب سنة خمس وستمائة واتصل بهما لذلك فزين له وزراؤه وأهل دولته أن يستنجد بالعادل على جزيرة ابن عمر وأعمالها التي لابن عمه سنجر شاه بن غازي بن مودود فتكون الجزيرة بكمالها مضافة إلى الموصل وملك العادل سنجار وما إليها وهي ولاية قطب الدين فتكون له فأجاب العادل إلى ذلك ورآه ذريعة إلى ملك الموصل وأطمع نور الدين في إيالة
[١] القلعتين: اسم حصن ولذلك تصبح العبارة: ونازل حصن القلعتين ففتحه.