للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيديهم وكانوا يردون عليهم كرسي خلافتهم بالقاهرة ووضعوا عليهم الجزية وهم يتجرّعون المصاب من ذلك ويتحملونه مع بقاء أمرهم كاد الأتابك زنكي وقومه السلجوقية من قبله أن يمحو دعوتهم ويذهبوا بدولتهم وأقاموا من ذلك على مضض وقلق وجاء الله بدعوة العاضد آخرهم وتغلب عليه بعد الصالح بن رزيك شاور السعدي وقتل رزيك بن صالح سنة ثمان وخمسين واستبدّ على العاضد ثم نازعه الضرغام لتسعة أشهر من ولايته وغلبه وأخرجه من القاهرة فلحق بالشام ولحق بنور الدين صريخا سنة تسع وخمسين وشرط له على نفسه ثلث الجباية بأعمال مصر على أن يبعث معه عسكرا يقيمون بها فأجابه إلى ذلك وبعث أسد الدين شيركوه في العساكر فقتل الضرغام ورد شاور إلى رتبته وآل أمرهم إلى محو الدولة العلوية وانتظام مصر وأعمالها في ملكة ابن أيوب بدعوة نور الدين محمود بن زنكي ويخطب للخلفاء العباسيين لما هلك نور الدين محمود واستبدّ صلاح الدين بأمره في مصر ثم غلب على بني نور الدين محمود وملك الشام من أيديهم وكثر عيث ابن عمهم مودود واستفحل ملكه وعظمت دولة بنيه من بعده إلى أن انقرضوا والبقاء للَّه وحده.

[مسير أسد الدين شيركوه إلى مصر وإعادة شاور إلى وزارته]

لما اعتزم نور الدين محمود صاحب الشام على صريخ شاور وإرسال العساكر معه واختار لذلك أسد الدين شيركوه بن شادي وكان من أكبر أمرائه فاستدعاه من حمص وكان أميرا عليها وهي أقطاعه وجمع له العساكر وأزاح عللهم وفصل بهم شيركوه من دمشق في جمادى سنة تسع وخمسين وسار نور الدين بالعساكر إلى بلاد الإفرنج ليأخذ بحجزتهم عن اعتراضه أو صدّه لما كان بينهم وبين صاحب مصر من الألفة والتظاهر ولما وصل أسد الدين بلبيس لقيه هنالك ناصر الدين أخو الضرغام وقاتله فانهزم وعاد إلى القاهرة مهزوما وخرج الضرغام منسلخ جمادى الأخيرة فقتل عند مشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها وقتل أخوه وأعاد شاور إلى وزارته وتمكن فيها وصرف أسد الدين إلى بلده وأعرض عما كان بينهما فطالبه أسد الدين بالوفاء فلم يجب إليه فتغلب أسد الدين على بلبيس والبلاد الشرقية وبعث شاور إلى الإفرنج يستنجدهم ويعدهم فبادروا إلى إجابته وسار بهم ملكهم مري لخوفهم أن يملك أسد الدين مصر واستعانوا بجمع من الإفرنج جاءوا الزيارة القدس وسار نور الدين إليهم ليشغلهم فلم يثنهم ذلك وطمعوا لعزمهم وزرأ أسد الدين إلى بلبيس واجتمعت العساكر المصرية والإفرنج عليه وحاصروه ثلاثة أشهر وهو يغاديهم القتال ويراوحهم وامتنع عليهم وقصاراهم

<<  <  ج: ص:  >  >>