ابنه المظفّر أصبهان وابنه أبا بكر محمدا سجستان وجعل مكان ياقوت وولده في الحجبة والشرطة إبراهيم ومحمد ابنا رائق، فأقام ياقوت بشيراز وكان عليّ بن خلف بن طيّان على الخوارج، فتعاقدا على قطع الحمل عن المقتدر إلى أن ملك عليّ بن بويه بلاد فارس سنة ثلاث وعشرين. وفي هذه السنة غلب مرداويج على أصبهان وهمذان والريّ وحلوان، وقاطع عليها بمال معلوم وصارت في ولايته.
[استيحاش مؤنس من المقتدر الثانية ومسيره إلى الموصل]
كان الحسين بن القاسم بن عبد الله بن وهب وزيرا للمقتدر، وكان مؤنس منحرفا عنه قبل الوزارة حتى أصلح بليق حاله عند مؤنس، فوزر واختص به بنو البريدي وابن الفرات. ثم بلغ مؤنسا أن الحسين قد واطأ جماعة من القوّاد في التدبير عليه، فتنكّر له مؤنس وضاقت الدنيا على الحسين وبلغه أنّ مؤنسا يكبسه، فانتقل إلى الخلافة وكتب الحسين إلى هارون بن غريب الحال يستقدمه، وكان مقيما بدير العاقول بعد انهزامه من مرداويج، وكتب إلى محمد بن ياقوت يستقدمه من الأهواز فاستوحش مؤنس.
ثم جمع الحسين الرجال والغلمان الحجرية في دار الخلافة، وأنفق فيهم فعظمت نفرة مؤنس، وقدم هارون من الأهواز فخرج مؤنس مغاضبا للمقتدر وقصد الموصل، وكتب الحسين إلى القوّاد الذين معه بالرجوع فرجع منهم جماعة، وسار مؤنس في أصحابه ومواليه ومعه من الساجية ثمانمائة من رجالهم، وتقدّم الوزير بقبض أملاكه وأملاك من معه وأقطاعهم فحصل منه مال كثير، واغتبط المقتدر به لذلك ولقّبه عميد الدولة ورسم اسمه في السكّة وأطلق يده في الولاية والعزل، فولّى على البصرة وأعمالها أبا يوسف يعقوب بن محمد البريدي على مبلغ ضمنه، وكتب إلى سعيد وداود ابني حمدان وابن أخيهما ناصر الدولة الحسين بن عبد الله بمحاربة مؤنس، فاجتمعوا على حربه إلّا داود فإنّه توقف لإحسان مؤنس إليه وتربيته إياه. ثم غلبوا عليه فوافقهم على حربه، وجمع مؤنس في طريقه رؤساء العرب وأوهمهم أنّ الخليفة ولّاه الموصل وديار ربيعة، فنفر معه بعضهم واجتمع له من العسكر ثمانمائة وزحف إليه بنو حمدان في ثلاثين ألفا فهزمهم وملك مؤنس الموصل في صفر من سنة عشرين، وجاءته العساكر من بغداد والشام ومصر رغبة في إحسانه. وعاد ناصر الدولة بن حمدان إلى خدمته وأقام معه بالموصل ولحق سعيد ببغداد.