وقصد حسّان بن فرج الطائي، لما بلغ من عيثه وفساده، فلما رحل من غزوة إلى عسقلان لقيه حسّان وأبوه مفرج فانهزم وقتل، ونهبت النواحي وكثرت جموع بني الجرّاح وملكوا الرملة، واستقدموا الشريف أبا الفتوح الحسن بن جعفر أمير مكة فبايعوه بالخلافة. ثم استمالهما الحاكم ورغّبهما فردّاه إلى مكة وراجعا طاعة الحاكم، وراجع هو كذلك، وخطب له بمكة. ثم جهّز الحاكم العساكر إلى الشام مع عليّ ابن جعفر بن فلاح، وقصد الرملة، فانهزم حسّان بن مفرج وقومه، وغلبهم على تلك البلاد واستولى على أموالهم وذخائرهم، وأخذ ما كان لهم من الحصون بجبل السراة، ووصل إلى دمشق في شوّال سنة تسعين، فملكها واستولى عليها، وأقام مفرج وابنه حسّان شريدين بالقفر نحوا من سنتين. ثم هلك مفرّج وبعث حسّان ابنه إلى الحاكم فأمّنه وأقطعه ثم وفد عليه بمصر فأكرمه ووصله.
[(خروج أبي ركوة ببرقة والظفر به)]
كان أبو ركوة هذا يزعم أنه الوليد بن هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الداخل، وأنه هرب من المنصور بن أبي عامر حين تتّبعهم بالقتل وهو ابن عشرين سنة، وقصد القيروان فأقام بها يعلّم الصبيان. ثم قصد مصر وكتب الحديث، ثم سار إلى مكة واليمن والشام وكان يدعو للقائم من ولد أبيه هشام، واسمه الوليد وإنما لقبه أبا ركوة لأنه كان يحملها لوضوئه على عادة الصوفيّة. ثم عاد إلى نواحي مصر ونزل على بني قرّة من بادية هلال بن عامر، وأقام يعلّم الصبيان ويؤمهم في صلاتهم. ثم أظهر ما في نفسه ودعا للقائم. وكان الحاكم قد أسرف في القتل في أصناف الناس وطبقاتهم، والناس معه على خطر، وكان قتل جماعة من بني قرّة وأحرقهم بالنار لفسادهم، فبادر بنو قرّة وكانوا في أعمال برقة فأجابوه وانقادوا له وبايعوا. وكان بينهم وبين لواتة ومزاتة وزناتة جيرانهم في الأصل حروب ودماء فوضعوها. واتّفقوا على بيعته. وكتب عامل برقة أنيال الطويل بخبرهم إلى الحاكم فأمره بالكفّ عنهم. ثم اجتمعوا وساروا إلى برقة فهزموا العامل برمادة، وملكوا برقة وغنموا الأموال والسلاح وقتلوه. وأظهر أبو ركوة العدل، وبلغ الخبر إلى الحاكم فاطمأنت نفسه، وكفّ عن