للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل السابع في علم الفقه وما يتبعه من الفرائض]

الفقه معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلّفين بالوجوب والحذر [١] والنّدب والكراهة والإباحة وهي متلقّاة من الكتاب والسّنّة وما نصبه الشّارع لمعرفتها من الأدلّة فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلّة قيل لها فقه. وكان السّلف يستخرجونها من تلك الأدلّة على اختلاف فيما بينهم. ولا بدّ من وقوعه ضرورة.

فإنّ الأدلّة غالبها من النّصوص وهي بلغة العرب وفي اقتضاءات ألفاظها لكثير من معانيها وخصوصا الأحكام الشرعيّة اختلاف بينهم معروف. وأيضا فالسّنّة مختلفة الطّرق في الثّبوت وتتعارض في الأكثر أحكامها فتحتاج إلى التّرجيح وهو مختلف أيضا. فالأدلّة من غير النّصوص مختلف فيها وأيضا فالوقائع المتجدّدة لا توفّى بها النّصوص. وما كان منها غير ظاهر في المنصوص [٢] فيحمل على المنصوص لمشابهة بينهما وهذه كلّها إشارات [٣] للخلاف ضروريّة الوقوع. ومن هنا وقع الخلاف بين السلف والأئمّة من بعدهم. ثمّ إنّ الصّحابة كلّهم لم يكونوا أهل فتيا ولا كان الدّين يؤخذ عن جميعهم. وإنّما كان ذلك مختصّا بالحاملين للقرآن العارفين بناسخه ومنسوخه ومتشابهه ومحكمه وسائر دلالته بما تلقّوه من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو ممّن سمعه منهم ومن عليتهم. وكانوا يسمّون لذلك القرّاء أي الّذين يقرءون الكتاب لأنّ العرب كانوا أمّة أمّيّة، فاختصّ من كان منهم قارئا للكتاب بهذا الاسم لغرابته يومئذ. وبقي الأمر كذلك صدر الملّة. ثمّ عظمت أمصار الإسلام وذهبت الأمّيّة من العرب بممارسة الكتاب وتمكّن الاستنباط


[١] وفي نسخة أخرى: والحظر.
[٢] وفي نسخة أخرى: النصوص.
[٣] وفي نسخة أخرى: مثارات.

<<  <  ج: ص:  >  >>