جيشه وصاحبه هارون عن دفاعهم. وتوجّه أهل الشام ومصر إلى المكتفي مستغيثين، فسار إلى أهل الشام سنة تسعين ومائتين ومرّ بالموصل، وقدّم بين يديه أبا الأغرّ من بني حمدان في عشرة آلاف رجل، ونزل قريبا من حلب وكبسه القرمطي صاحب الشامة فقتل منهم جماعة ونجا أبو الأغرّ إلى حلب في فلّ من أصحابه. وحاصره القرمطي، ثم أفرج عنه، وانتهى المكتفي إلى الرقّة. وبعث محمد بن سليمان الكاتب في العساكر، ومعه الحسين من بني حمدان، وبنو شيبان فناهضه في المحرّم سنة إحدى وتسعين ومائتين على حماة، وانهزم القرامطة، وأخذ صاحب الشامة أسيرا فبعث به إلى الرقّة وبين يديه المدّثر والمطوّق، وتقدّم المكتفي إلى بغداد ولحقه محمد ابن سليمان بهم، فأمر المكتفي بضربهم وقطعهم، وضرب أعناقهم وحسم دائهم، حتى ظهر منهم من ظهر بالبحرين.
(استيلاء المكتفي على الشام ومصر وقتل هارون وشيّبان ابني خمارويه وانقراض دولة بني طولون)
ونبدأ أوّلا بخبر محمد بن سليمان المتولّي بتحويل دولة بني طولون، كان أصله من ديار مضر من الرقّة اصطنعه أحمد بن طولون وخدّمه في مصر. ثم تنكّر له وعامله في جاهه وأقاربه بما أحفظه، وخشي على نفسه فلحق ببغداد، ولقي بها مبرّة وتكرمة.
واستخدمه الخلفاء وجعلوه كاتبا للجيش، فما زال يغريهم بملك مصر إلى أن ولي هارون بن خمارويه، وفشلت دولة بني طولون بالشام، وعاث القرامطة في نواحيه وعجز هارون عن مدافعتهم، ووصل صريخ أهل الشام إلى المكتفي فقام لدفع ضررهم عن المسلمين، ودفع محمد بن سليمان لذلك، وهو يومئذ من أعظم قوّاده، فسار بالعساكر في مقدمته. ثم أمره المكتفي باتباع القرامطة، وأقام بالرقّة فسار حتى لقيهم وقاتلهم حتى هزمهم واستلحمهم، ودفع عن الشام ضررهم، ورجع بالقرمطي صاحب الشامة وأصحابه أسرى إلى المكتفي بالرقّة فرجع إلى بغداد، وقتلهم هنالك وشفى نفسه ونفس المسلمين منهم. وكان محمد بن سليمان لما تخلّف عن المكتفي عند وصوله إلى بغداد فأمره بالعود، وبعث معه جماعة من القوّاد، وأمدّه بالأموال، وبعث دميانة غلام مازيار في الأسطول، وأمره بالمسير إلى سواحل مصر، ودخول نهر