إبراهيم قد عاد عنها إلى الأربس. ثم زحف أبو عبد الله إلى إبراهيم سنة ست وتسعين في مائة ألف مقاتل وبعث من عسكره من يأتي إبراهيم من خلفه، وسار إليه فانهزم وأثخن فيهم أبو عبد الله بالقتل والأسر، وغنم أموالهم وخيلهم وظهرهم. ودخل الأربس فاستباحها، ثم سار فنزل قمودة، وبلغ الخبر إلى زيادة الله فهرب إلى مصر.
وافترق أهل مدينة رقادة إلى القيروان وسوسة ونهب قصور بني الأغلب ووصل إبراهيم بن أبي الأغلب إلى القيروان، فنزل قصر الإمارة وجمع الناس ووعدهم الحماية، وطلب المساعدة بطاعتهم وأموالهم، فاعتذروا وخرجوا إلى الناس فأخبروهم، فثاروا به وأخرجوه. وبلغ أبا عبد الله الشيعيّ هرب زيادة الله وهو يشبه [١] فدخل إلى رقادة وقدم بين يديه عروبة بن يوسف وحسن بن أبي خنزير فساروا وأمّنوا الناس. وخرج أهل القيروان للقاء أبي عبد الله فأكرمهم وأمّنهم، ودخل رقادة في رجب سنة ست وتسعين، ونزل قصورها وفرّق دورها على كتامة ونادى بالأمان. وتراجع الناس فأخرج العمّال وطلب أهل الشرّ فهربوا، وجمع أموال زيادة الله وسلاحه وأمر بحفظها وبحفظ جواريه، واستأذنه الخطباء لمن يخطبون فلم يعيّن لهم أحدا. ونقش على السكّة من أحد الوجهين بلغت حجة الله، ومن الآخر تفرّق أعداء الله، وعلى السلاح عدّة في سبيل الله، ورسم أفخاذ الخيل بالملك للَّه.
[بيعة المهدي بسجلماسة]
ولما ملك أبو عبد الله إفريقية لقيه أخوه أبو العبّاس منطلقا من اعتقاله، فاستخلفه عليها وترك معه أبا زاكي تمام بن معارك من قوّاد كتامة. وسار إلى المغرب ففرّق القبائل من طريقه، وخافته زناتة فدخلوا في طاعته. ولما قرب من سجلماسة أرسل إلى المهدي بمحبسه يسأله عن حاله فأنكر، ثم سأل ولده كذلك فأنكر، وضرب رجاله فأنكروا، ونمي الخبر إلى أبي عبد الله فخشي عليهم وأرسل إلى أليسع يتلطّفه فقتل الرسل فأغذ أبو عبد الله السير وحاصره يوما وهرب أليسع من الليل هو وأصحابه وبنو عمّه. وخرج أهل البلد إلى أبي عبد الله فجاء إلى مجلس المهدي
[١] المعنى غير واضح وفي الكامل لابن الأثير ج ٨ ص ٤٦: «ولما بلغ ابا عبد الله هرب زيادة الله كان بناحية سبيبة فرحل ونزل بوادي النمل، وقدّم بين يديه عروبة بن يوسف وحسن بن أبي خنزير، في ألف فارس الى رقادة.