للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخبر عن بني عبد الواد من هذه الطبقة الثانية وما كان لهم بتلمسان وبلاد المغرب الأوسط من الملك والسلطان وكيف كان مبدأ أمرهم ومصائر أحوالهم]

قد تقدّم لنا في أوّل هذه الطبقة الثانية من زناتة ذكر بني عبد الواد هؤلاء وأنهم من ولد يادين بن محمد إخوة توجين ومصاب وزردال وبني راشد، وأن نسبهم يرتفع إلى رزجيك بن واسين بن ورسيك بن جانا، وذكرنا كيف كانت حالهم قبل الملك في مواطنهم تلك. وكان إخوانهم بمصاب وجبل راشد وفيكيك وملوية، ووصفنا من حال فتنتهم مع بني مرين إخوانهم المجتمعين معهم بالنسب في رزجيك بن واسين.

ولم يزل بنو عبد الواد هؤلاء بمواطنهم تلك وبنو راشد بنو زردال ومصاب منجدين إليهم بالنسب والحلف، وبنو توجين منابذين لهم أكثر أزمانهم. ولم يزالوا جميعا متغلّبين على ضاحية المغرب الأوسط عامة الأزمان، وكانوا تبعا فيه لبني ومانوا وبني يلومي حين كان لهم التغلّب فيهم. وربما يقال: كان شيخهم لذلك العهد يعرف بيوسف بن تكفا، حتى إذا نزل عبد المؤمن والموحّدون نواحي تلمسان، وسارت عساكرهم إلى بلاد زناتة تحت راية الشيخ أبي حفص، فأوقعوا بهم كما ذكرناه، وحسنت بعد ذلك طاعة بني عبد الواد وانحياشهم إلى الموحّدين. وكانت بطونهم وشعوبهم كثيرة أظهرها فيما يذكرون ستة: بنو ياتكين وبنو ولّلوا وبنو ورصطف ومصوصة وبنو تومرت وبنو القاسم. ويقولون بلسانهم أيت القاسم وأيت حرف الإضافة النسبية عندهم. ويزعم بنو القاسم هؤلاء أنهم من أولاد القاسم بن إدريس. وربّما قالوا في هذا القاسم إنه ابن محمد بن إدريس، أو ابن محمد بن عبد الله، أو ابن محمد بن القاسم وكلّهم من أعقاب إدريس، زعما لا مستند له إلّا اتفاق بني القاسم هؤلاء عليه، مع أن البادية بعداه عن معرفة هذه الأنساب. والله أعلم بصحة ذلك.

(وقد قال يغمراسن) بن زيّان أبو ملوكهم لهذا العهد لما رفع نسبه إلى إدريس كما يذكرون فقال برطانتهم ما معناه: إن كان هذا صحيحا فينفعنا عند الله. وأمّا الدنيا فإنما نلناها بسيوفنا. ولم تزل رياسة بني عبد الواد في بني القاسم لشدّة شوكتهم واعتزاز

<<  <  ج: ص:  >  >>