للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دولة بني أيوب إن شاء الله تعالى ووقعت خلال ذلك فتنة بين نور الدين محمود وبين صاحب الروم قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان سنة ستين وخمسمائة وكتب الصالح ابن زربك إلى قليج أرسلان ينهاه عن الفتنة والله تعالى وليّ التوفيق.

[فتح نور الدين صافيتا وعريمة ومنبج وجعبر]

ثم جمع نور الدين عساكره سنة اثنتين وستين واستدعى أخاه قطب الدين من الموصل فقدم عليه بحمص ودخلوا جميعا بلاد الإفرنج ومرّوا بحصن الأكراد واكتسحوا نواحيه ثم حاصروا عرقة وخرجوا جكة [١] وفتحوا العريمة وصافيتا وبعثوا سراياهم فعاثت في البلاد ورجعوا إلى حمص فأقاموا بها إلى رمضان وانتقلوا إلى بانياس وقصدوا حصن حموص [٢] فهرب عنه الإفرنج فهدم نور الدين سوره وأحرقه واعتزم على بيروت فرجع عنه أخوه قطب الدين إلى الموصل وأعطاه نور الدين من عمله الرقة على الفرات ثم انتقض بمدينة منبج غازي بن حسان وبعث إليها العساكر فملكها عنوة وأقطعها أخاه قطب الدين نيال بن حسان وبقيت بيده إلى أن أخذها منه صلاح الدين بن أيوب ثم قبض بنو كلاب على شهاب الدين ملك بن علي بن مالك العقيلي صاحب قلعة جعبر وكانت تسمى دوس ثم سميت باسم جعبر بانيها وكان السلطان ملك شاه أعطاها لجدّه عند ما ملك حلب كما مرّ في أخباره ولم تزل بيده ويد عقبه إلى أن هلك هذا فخرج يتصيد سنة ثلاث وستين وقد أرصد له بنو كلاب فأسروه وحملوه إلى نور الدين محمود صاحب دمشق فاعتقله مكرما وحاوله في النزول عن جعبر بالترغيب تارة وبالترهيب أخرى فأبى [٣] وبعث بالعساكر مع الأمير فخر الدين محمود بن أبي علي الزعفرانيّ وحاصرها مدّة فامتنعت فبعث عسكرا آخر وقدّم على الجميع الأمير فخر الدين أبا بكر ابن الداية رضيعه وأكبر أمرائه فحاصرها فامتنعت ورجع إلى ملاطفة صاحبها فأجاب وعوّضه نور الدين عنها سروج وأعمالها وساحة حلب ومراغة وعشرين ألف دينار وملك قلعة جعبر سنة أربع وستين وانقرض أمر بني مالك منها والبقاء للَّه وحده.


[١] وفي الكامل: ج ١١ ص ٣٢٧ وحصروا حلبة وأخذوها وخربوها.
[٢] وفي الكامل: (ج ١١ ص ٣٢٨) وقصدوا حصن هونين، وهو للفرنج أيضا من أمنع حصونهم ومعاقلهم.
[٣] كذا بالأصل والعبارة مرتكبة والأسماء محرفة، وفي الكامل: فاعتقله وأحسن لمواليه ورغبة في الإقطاع والمال ليسلم إليه القلعة فلم يفعل فعدل إلى الشدة والعنف، وتهدده فلم يفعل فسير إليها نور الدين عسكرا مقدمه الأمير فخر الدين مسعود بن علي الزعفرانيّ، فحصرها مدة فلم يظفر منها بشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>