للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعادة، صار إلى السلطان من لدن استعماله إيّاه بمراكش، وكان على ثبج من الجهل والغباوة. بمكان، وكان السلطان يخلط الخصيان بأهله ويكشف لهم الحجاب عن ذوات محارمه، ولما كانت واقعة العزّ مولاه، واتهم بمداخلة بعض الحرم، وقتل بالظنّة، واستراب السلطان بكثير من حاشيته الملابسين لداره، اعتقل جملة من الخصيان كان فيهم عنبر الكبير عريفهم. وحجب سائرهم فارتاعوا لذلك وسوّلت لهذا الخصيّ الخبيث نفسه الشيطانية الفتك بالسلطان، فعمد إليه وهو في بعض الحجر من قصره، وآذنه فأذن له فألفاه مستلقيا على فراشه مختضبا بالحنّاء، فوثب عليه وطعنه طعنات قطع بها أمعاءه وخرج هاربا. وانطلق بعض الأولياء في أثره، فأدرك من العشيّ بناحية تاسالة فتقبّض عليه، وسيق إلى القصر فقتله العبيد والحاشية. وصابر السلطان ميتته إلى آخر النهار، ثم قضى رحمه الله يوم الأربعاء سابع ذي القعدة من سنة ست وسبعمائة وقبر هنالك. ثم نقل بعد ما سكنت الهيعة إلى مقبرتهم بشالة، فدفن بها مع سلفه والبقاء للَّه وحده.

[(الخبر عن ولاية السلطان أبي ثابت) واستلحامه المرشحين وما تخلل ذلك من الاحداث]

كان الأمير أبو عامر ابن السلطان أبي يعقوب وولي عهده لما هلك طريدا ببلاد بني سعيد بغمارة والريف سنة ثمان وتسعين وستمائة كما ذكرنا، خلّف ولديه عامرا وسليمان في كفالة السلطان جدّهما، فكان لهما بعينه حلاوة وفي قلبه لوطة، لمكان حبه لأبيهما واغترابه عنه، فحدب عليهما وآثرهما من نفسه بمكان. وكان الأمير أبو ثابت عامر أصغر قومه، إقداما وشجاعة وجراءة، وكانت له في بني ورتاجن خؤلة. فلحين مهلك السلطان عرضوا له ودعوه للبيعة فبايعوه، وحضر لها الأمير أبو يحيى بن يعقوب عمّ أبيه، عز بمجتمعهم [١] اتفاقا، وحملوه على الطاعة، وكان أقرب للأمر منه لو حضره رجال، فأعطى القياد في المساعدة، وطوى على النث. وبادر الحاشية والوزراء بالبلد الجديد عند مهلك السلطان، فبايعوا ابنه الأمير أبا سالم. وكاد أمر بني


[١] وفي نسخة ثانية: عثر بمجمعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>