وزاده صدقة المدد، فانهزم مهذّب الدولة وهلك أكثر عسكره وقوي طمع حماد.
واستمدّ صدقة فأمدّه بالعساكر مع مقدّم جيشه حميد بن سعيد. وبعث مهذب الدولة لصاحب الجيش بالإقامات والصلات فمال إليه، وأصلح ما بينه وبين صدقة. وبعث مهذّب الدولة ابنه النفيس إلى صدقة فأصلح بينهم وبين حماد ابن عمّهم، وكان ذلك أعوام الثلاثين.
[(ولاية نصر بن النفيس والمظفر بن حماد من بعده على البطيحة)]
ثم كان انتقاض دبيس بن صدقة أيام المسترشد والسلطان محمود، وكان البرسقي شحنة ببغداد فانتزع السلطان البطيحة من يد دبيس وأقطعها إلى سحان الخادم مولاه، فولّى عليها نصر بن النفيس بن مهذّب الدولة أحمد بن محمد بن أبي الخير. وأمر السلطان محمود البرسقي بالمسير لقتال دبيس فاحتشد وسار لذلك ومعه نصر بن النفيس صاحب البطيحة، وابن عمه المظفر بن حماد بن إسماعيل بن أبي الخير، وبينهما من العداوة المتوارثة ما كان بين سلفهما. والتقى البرسقي ودبيس وهزمه دبيس وجاءت العساكر منهزمة، وبقي نصر بن النفيس وابن عمه حمّاد عند ساباط النهر فقتله، ولحق بالبطيحة فملكها، وبعث إلى دبيس بطاعته، وبعث دبيس إلى الخليفة يصانعه بالطاعة على البعد، وبلغ الخبر إلى السلطان محمود فقبض على منصور بن صدقة أخي دبيس وولده فكحلهما فاستشاط دبيس وساء أثره في البلاد، وبعث إلى أحيائه بواسط فمنعهم الأتراك الذين بها، فبعث مهلهل بن أبي العسكر مقدّم عساكره في جيش، وكتب إلى المظفّر بن حمّاد صاحب البطيحة بمعاضدته على قتال واسط فتجهز وأصعد، وعاجل مهلهل الحرب قبل وصوله فهزمه أهل واسط وغنموا ما معه، وكان في جملتها بخط دبيس وصار معهم، وساءت آثار دبيس في البلاد، ولم يزل حال البطيحة على ذلك. ثم صار أمرها لبني معروف وأجلاهم الخلفاء عنها