للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبّاس تلمسان واستولى عليها، وجهّز العساكر لاتباع أبي حمو وقومه، فأجفل من البطحاء ولحق بتاحجموت فاعتصم بمعقلها ولحق به ابنه المنتصر من مليانة بما كان معه من الذخيرة، فاستمدّ بها وأقام هناك عازما على الامتناع والله تعالى أعلم.

(رجوع السلطان أبي العباس الى المغرب واختلال دولته ورجوع السلطان أبي حمو الى ملكه بتلمسان)

كان السلطان أبو العباس لما استولى على مملكة تلمسان، طيّر كتبه ورسله بفتحها إلى ابن الأحمر صاحب الأندلس، ويعتذر إليه من مخالفة رأيه في الحركة إليها. وقد كان ابن الأحمر آسفه ذلك إلى ما انتظم إليه من النزعات الملوكية التي يؤسف بها بعضهم بعضا، وهو يطوي جوانحه عليها، واطلع على فساد طاقة السلطان أبي العبّاس في أهل دولته وفقد [١] ضمائرهم له، فأزعج لوقته موسى ابن السلطان أبي عنان من أعياص ملكهم، كان عنده بالأندلس، وجهّزه بما يحتاج إليه وبعث في خدمته مسعود بن رحّو بن ماسالي [٢] وزيرهم المشهور، وأركبه السفن إلى سبتة، فنزلوا بساحتها أوّل ربيع سنة ست وثمانين وسبعمائة واستولوا عليها. ثم تقدّموا إلى فاس فنازلوا دار الملك أياما وبها محمد بن حسن كاتب محمد بن عنان القائم بدولة السلطان أبي العباس والمستبدّ عليه، واشتدّوا في حصارها وتوافت إليهم الأمداد والحشود فداخله الخور وألقي بيده، وداخل السلطان موسى إلى دار الملك تاسع عشر ربيع الأوّل من السنة، وجلس على أريكته، وآتاه الناس طاعتهم. وطار الخبر إلى السلطان أبي العباس بتلمسان وقد تجهّز لاتباع أبي حمو، ونزل على مرحلة من تلمسان بعد أن أغراه ونزمار بن عريف أمير سويد بتخريب قصور الملك بتلمسان، وكانت لا يعبّر عن حسنها، اختطّها السلطان أبو حمو الأوّل وابنه أبو تاشفين، واستدعى لها الصنّاع والفعلة من الأندلس لحضارتها وبداوة دولتهم يومئذ بتلمسان، فبعث إليهما السلطان أبو الوليد صاحب الأندلس بالمهرة والحذّاق من أهل صناعة البناء بالأندلس، فاستجادوا لهم القصور والمنازل والبساتين بما أعيا على الناس بعدهم أن يأتوا بمثله،


[١] وفي نسخة ثانية: ونغل.
[٢] وفي نسخة ثانية: ماساي.

<<  <  ج: ص:  >  >>