واستشهد في ذلك اليوم حمزة كما ذكرناه وعبد الله بن جحش ومصعب بن عمير في خمسة وستين معظمهم من الأنصار، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفنوا بدمائهم وثيابهم في مضاجعهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم. وقتل من المشركين اثنان وعشرون منهم الوليد بن العاص بن هشام وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة وأبو عزّة عمرو بن عبد الله بن جمح، وكان أسر يوم بدر فمنّ عليه وأطلقه بلا فداء على أن لا يعين عليه فنقض العهد وأسر يوم أحد وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه صبرا، وأبي بن خلف قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وصعد أبو سفيان الجبل حتى أطلّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونادى بأعلى صوته: الحرب: سجال يوم أحد بيوم بدر، أعل هبل.
وانصرف وهو يقول موعدكم العام القابل. فقال عليه السلام قولوا له هو بيننا وبينكم. ثم سار المشركون إلى مكة ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة، وكانت هند وصواحبها قد جدّ عنه وبقرن عن كبده فلاكتها ولم تسغها، ويقال إنه لما رأى ذلك في حمزة قال لئن أظفرني الله بقريش لأمثلنّ بثلاثين منهم. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة. ويقال إنه قال لعليّ لا يصيب المشركون منا مثلها حتى يفتح الله علينا.
[غزوة حمراء الأسد:]
ولما كان يوم أحد سادس عشر شوّال، وهو صبيحة يوم أحد، أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج لطلب العدوّ وأن لا يخرج إلّا من حضر معه بالأمس، وفسح لجابر بن عبد الله ممن سواهم، فخرج وخرجوا على ما بهم من الجهد والجراح وصار عليه السلام متجلدا مرهبا للعدوّ، وانتهى إلى حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة وأقام بها ثلاثا، ومرّ به هناك معبد بن أبي معبد الخزاعي سائرا الى مكة، ولقي [١] أبا سفيان وكفّار قريش بالروحاء فأخبرهم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم وكانوا يرومون الرجوع إلى المدينة ففتّ ذلك في أعضادهم وعادوا إلى مكة.
[بعث الرجيع:]
ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر متمّ الثلاثة من الهجرة نفر من عضل والقارة بني الهون من خزيمة إخوة بني أسد، فذكروا أنّ فيهم