وأجازهم إلى العدوة حذرا من مغبّة ترشيحهم، وما يتوقع من الفتن على الدولة من قبلهم وقلّد حجابته مولاه هلالا فاضطلع بأعبائها، واستبدّ بالعقد والحلّ والإبرام والنقض صدرا من دولته، إلى أن نكبه حسبما نذكره. وعقد ليحيى بن موسى السنوسي من صنائع دولتهم على شلف وسائر أعمال مغراوة، وعقد لمحمد بن سلامة بن عليّ على عمله من بلاد بني يدللتن من توجين، وعزل أخاه سعدا، فلحق بالمغرب.
وعقد لموسى بن عليّ الكردي على قاصية المشرق، وجعل إليه حصار بجاية، وأغرى دولته بتشييد القصور واتخاذ الرياض والبساتين، فاستكمل ما شرع فيه أبوه من ذلك أربى عليه، فاحتفلت القصور والمصانع في الحسن ما شاءت، واتسعت أخباره على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
[الخبر عن نهوض السلطان أبي تاشفين لمحمد بن يوسف بجبل وانشريس واستيلاؤه عليه]
كان محمد بن يوسف بعد مرجع السلطان أبي حمو كما ذكرناه قد تغلّب على جبل وانشريس ونواحيه واجتمع إليه الفلّ من مغراوة فاستفحل أمره، واشتدّت في تلك النواحي شوكته. وأهمّ أبا تاشفين أمره فاعتزم على النهوض إليه، وجمع لذلك وأزاح العلل. وخرج من تلمسان سنة تسع عشرة وسبعمائة واحتشد سائر القبائل من زناتة والعرب، وأناخ على وانشريس وقد اجتمع به بنو توجين ومغراوة مع محمد بن يوسف. وكان يتغرين من بني توجين بطانة ابن عبد القويّ يرجعون في رياستهم إلى عمر بن عثمان بن عطيّة حسبما نذكره. وكان قد استخلص سواه من بني توجين دونه فأسفه بذلك، وداخل السلطان أبا تاشفين وواعده أن يتحرّك [١] عنه، فاقتحم السلطان عليهم الجبل وانحجزوا جميعا إلى حصن توكال، فخالفهم عمر بن عثمان في قومه إلى السلطان بعد أن حاصرهم ثمانيا، فتخرّم الجمع واختلّ الأمر وانفضّ الناس فاقتحم الحصن، وتقبّض على محمد بن يوسف وجيء به إلى السلطان أسيرا وهو في مركبه فعدّد عليه، ثم وخزه برمحه، وتناوله الموالي برماحهم فأقعصوه، وحمل رأسه