للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(وفاة أسد الدين وولاية صلاح الدين الوزارة)]

ثم توفي أسد الدين رحمه الله تعالى لشهرين في أيام قلائل من وزارته وقيل لأحد عشر شهرا وأوصى أصحابه أن لا يفارقوا القاهرة. ولما توفي كان معه جماعة من الأمراء النورية، منهم عين الدولة الفاروقي وقطب الدين يسأل [١] وعين الدين المشطوب الهكاوي [٢] ، وشهاب الدين محمود الحازميّ، فتنازعوا في طلب الرئاسة وفي الوزارة، وجمع كل أصحابه للمغالبة. ومال العاضد إلى صلاح الدين لصغره وضعفه عنهم، ووافقه أهل دولته على ذلك بعد أن ذهب كثير منهم إلى دفع الغزّ وعساكرهم إلى الشرقية، ويولّي عليهم قراقوش. ومال آخرون إلى وزارة صلاح الدين، ومال العاضد إلى ذلك لمكافأته عن خدمته السالفة، فاستدعاه وولّاه الوزارة، واضطرب أصحابه وكان الفقيه عيسى الهكاريّ من خلصاء صلاح الدين فاستمالهم إليه إلّا عين الدولة الفاروقي، فإنه سار إلى الشام وقام صلاح الدين بوزارة مصر نائبا عن نور الدين يكاتبه بالأمير الأصفهان ويشركه في الكتاب مع كافة الأمراء بالديار المصرية. ثم استبد صلاح الدين بالأمور وضعف أمر العاضد وهدم دار المعرفة بمصر، وكانت حبسا. وبناها مدرسة للشافعيّة وبني دار الغزل كذلك للمالكيّة وعزل قضاة الشيعة وأقام قاضيا شافعيا في مصر، واستناب في جميع البلاد.

[(حصار الفرنج دمياط)]

ولما جاء أسد الدين وأصحابه إلى مصر وملكوها ودفعوهم عنها، ندموا على ما فرّطوا فيها، وانقطع عنهم ما كان يصل إليهم وخشوا غائلة الغز على بيت المقدس، وكاتبوا الفرنج بصقلية والأندلس واستنجدوهم، وجاءهم المدد من كل ناحية فنازلوا دمياط سنة خمس وستين وبها شمس الخواص منكوريين فأمدّها صلاح الدين بالعساكر


[١] وفي نسخة اخرى: قطب الدين نسأل.
[٢] سيف الدين المشطوب الهكّاريّ: ابن الأثير ج ١١ ص ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>