للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطلعهم وتقررت الهدنة وبلغ ذلك صلاح الدين فنكره واستعظمه وكتب إلى الصالح وأهل دولته يقبح مرتكبهم ويعدهم بغزوة الإفرنج وقصده إنما هو طريقه إلى الشام ليتملك البلاد وإنما صالح ابن المقدّم الإفرنج خوفا منه ومن سيف الدين والله تعالى أعلم.

[استيلاء صلاح الدين على دمشق]

ولما كان ما ذكرناه من استيلاء سيف الدين غازي على بلاد الجزيرة خاف شمس الدين ابن الداية منه على حلب وكان سعد الدين كمستكين قد هرب من سيف الدين غازي إليه فأرسله إلى دمشق ليستدعي الملك الصالح للمدافعة فلما قارب دمشق أنفذ ابن المقدّم إليه عسكرا فنهبوه وعاد إلى حلب ثم رأى ابن المقدّم وأهل الدولة بدمشق أنّ مسير الصالح إلى حلب أصلح فبعثوا إلى كمستكين وبعثوا معه الملك الصالح فلما وصل إلى حلب قبض كمستكين على ابن الداية وإخوته وعلى رئيس حلب ابن الخشاب وعلى مقدم الأحداث بها واستبدّ بأمر الصالح وخشي ابن المقدم وأمراؤه بدمشق غائلته فكاتبوا سيف الدين غازي صاحب الموصل أن يملكوه فأحجم عن المسير إليهم وظنها مكيدة وبعث بخبرهم إلى كمستكين وصالحه على مال أخذه من البلاد فكثر ارتياب القوم في دمشق فكاتبوا صلاح الدين بن أيوب فطار إليهم ونكب عن الإفرنج في طريقه وقصد بصرى وأطاعه صاحبها ثم سار صلاح الدين إلى دمشق فخرج إليه أهل الدولة بمقدمهم شمس الدين محمد بن عبد الملك المقدم وهو الّذي كان أبوه سلم سنجار لنور الدين سنة أربع وأربعين كما مرّ ودخل صلاح الدين دمشق آخر ربيع سنة سبعين ونزل دار أبيه المعروفة بدار العفيفي وكان في القلعة ريحان خديم نور الدين فبعث إليه صلاح الدين القاضي كمال الدين الشهرزوريّ بأنه على طاعة الصالح والخطبة له في بلاده وانه إنما جاء ليرتجع البلاد التي أخذت له فسلم إليه ريحان القلعة واستولى على ما فيها من الأموال وهو في ذلك كله يظهر طاعة الملك الصالح ويخطب له وينقش السكة باسمه انتهى والله أعلم.

استيلاء صلاح الدين على حمص وحماة ثم حصاره حلب ثم ملكه بعلبكّ

ولما ملك صلاح الدين دمشق من إيالة الملك الصالح استخلف عليها أخاه سيف الإسلام طغركين بن أيوب وكانت حمص وحماة وقلعة مرعش وسليمية وتل خالد والرها من بلاد الجزيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>