للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادسة، وكانت دولتهم من أعظم الدول في العالم. وتشعبت عنها دول هي متصلة إلى عهدنا حسبما يذكر ذلك كله في مكانه ثم استبدّ الخلفاء من بني العبّاس آخرا في هذا النطاق الضيق ما بين دجلة والفرات وأعمال السواد وبعض أعمال فارس، إلى أن خرج التتار من مفازة الصين وزحفوا إلى الدولة السلجوقية وهم على دين المجوسية، وزحفوا إلى بغداد فقتلوا الخليفة المعتصم، وانقرض أمر الخلافة وذلك سنة ست وخمسين وستمائة. ثم أسلموا بعد ذلك وكانت لهم دولة عظيمة، وتشعبت عنها دول لهم ولأشياعهم في النواحي وهي باقية لهذا العهد آخذة في الثلاثين كما نذكر ذلك كله في أماكنه.

[دولة المنتصر]

ولما بويع المنتصر كما ذكرناه ولّى على المظالم أبا عمر وأحمد بن سعيد، وعلى دمشق عيسى بن محمد النوشريّ وكان على وزارته أحمد بن الخصيب، واستقامت أموره وتفاوض وصيف وبغا وأحمد بن الخصيب في شأن المعتزّ والمؤيد لما توقعوا من سطوتهما بسبب قتل المتوكل، فحملوا المنتصر على خلعهما الأربعين يوما من خلافته وبعث إليهما بذلك فأجاب المؤيد وامتنع المعتز فأغلظوا عليه وأوهموه القتل فخلا به المؤيد وتلطّف به حتى أجاب وخلع نفسه وكتبا ذلك بخطهما. ثم دخلا على المنتصر فأجلسهما واعتذر لهما بسمع من الأمراء بأنهم الذين حملوه على خلعهما فأجبتهم إلى ذلك خشية عليكما منهم، فقبّلا يده وشكرا له وشهد عليهما القضاة وبنو هاشم والقوّاد ووجوه الناس، وكتب بذلك المنتصر إلى الآفاق وإلى محمد بن طاهر ببغداد. ثم إنّ أحمد بن الخصيب أخا المنتصر أمر بإخراج وصيف للصائفة وإبعاده عن الدولة لما بينهما من الشحناء، فأحضره المنتصر وقال له: قد أتانا من طاغية الروم أنه أفسد الثغر فلا بدّ من مسيرك أو مسيري، فقال بل أنا أشخص يا أمير المؤمنين! فأمر أحمد بن الخصيب أن يجهّزه ويزيح علل العسكر معه، وأمره أن يوافي ثغر ملطية فسار وعلى مقدمته مزاحم بن خاقان أخو الفتح، وعلى نفقات العساكر والمغانم والمقاسم أبو الوليد القروالي أن يأتيه رأيه.

[وفاة المنتصر وبيعة المستعين]

ثم أصابت المنتصر علة الذبحة فهلك لخمس بقين من ربيع الأوّل من سنة ثمان

<<  <  ج: ص:  >  >>