وأكره أخوه الأكبر على بيعته، ففرّ إلى الإسكندريّة بعد ثلاث، وبها نصير الدولة أفتكين مولى بدر الجمالي الّذي سعى للأفضل، فانتقض وبايع لنزار بعهده ولقّب المصطفى لدين الله. وسار الأفضل بالعساكر وحاصرهم بالإسكندرية واستنزلهم على الأمان، وأعطاهم اليمين على ذلك، وأركب نزارا السفن إلى القاهرة وقتل بالقصر.
وجاء الأفضل ومعه أفتكين أسيرا فأحضره يوما ووبّخه، فهمّ بالردّ عليه فقتل بالضرب بالعصي، وقال: لا يتناول اليمين هذه للقتلة، ويقال إنّ الحسين بن الصبّاح رئيس الإسماعيلية بالعراق قصد المستنصر في زيّ تاجر، وسأله إقامة الدعوة له ببلاد العجم فأذن له في ذلك، وقال له الحسين من إمامي بعدك؟ فقال: ابني نزار! فسار ابن الصبّاح ودعا الناس ببلاد العجم إليه سرّا. ثم أظهر أمره وملك القلاع لك مثل قلعة الموت وغيرها كما نذكره في أخبار الإسماعيلية، وهم من أجل هذا الخبر يقولون بإمامة نزار. ولما ولي المستعلي خرج ثغر عن طاعته وولي عليه واليه كشيلة وبعث المستعلي العساكر فحاصره، ثم اقتحموا عليه وحملوه إلى مصر فقتل بها سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. وكان تتش صاحب الشام قد مات واختلف بعده ابناه رضوان ودقاق، وكان دقاق بدمشق ورضوان بحلب فخطب رضوان في أعماله للمستعلي باللَّه أياما قلائل ثم عاود الخطبة للعباسيين.
[(استيلاء الفرنج على بيت المقدس)]
كان بيت المقدس قد أقطعه تاج الدولة تتش للأمير سليمان بن أرتق التركمانيّ، وقارن ذلك استفحال الفرنج واستطالتهم على الشام، وخروجهم سنة تسعين وأربعمائة، ومرّوا بالقسطنطينية وعبروا خليجها، وخلّى صاحب القسطنطينية سبيلهم ليحولوا بينه وبين صاحب الشام من السلجوقيّة والغزّ فنازلوا أوّلا أنطاكية فأخذوها من يد باغيسيان، من قوّاد السلجوقيّة، وخرج منها هاربا فقتله بعض الأرمن في طريقه، وجاء برأسه إلى الفرنج بأنطاكيّة. وعظم الخطب على عساكر الشام وسار كربوقا صاحب الموصل فنزل مرج دابق واجتمع إليه دقاق بن تتش، وسليمان بن أرتق، وطفتكين أتابك صاحب حمص وصاحب سنجار، وجمعوا من كان لك