من الترك والعرب، وبادروا إلى أنطاكية لثلاثة عشر يوما من حلول الفرنج بها. وقد اجتمع ملوك الفرنج ومقدمهم بنميد، وخرج الفرنج وتصادموا مع المسلمين فانهزم المسلمون، وقتل الفرنج منهم ألوفا، واستولوا على معسكرهم، وساروا إلى معرّة النعمان وحاصروها أياما، وهربت حاميتها، وقتلوا منها نحوا من مائة ألف، وصالحهم ابن منقذ على بلده شيزر، وحاصروا حمص فصالحهم عليها جناح الدولة، ثم حاصروا عكّة فامتنعت عليهم، وأدرك عساكر الغزّ من الوهن ما لا يعبّر عنه فطمع أهل مصر فيهم، وسار الأفضل بن بدر بالعساكر لاسترجاع بيت المقدس فحاصرها، وبها سقمان وأبو الغازي ابنا أرتق وابن أخيهما ياقوتي وابن عمّهما سونج، ونصبوا عليها نيّفا وأربعين منجنيقا، وأقاموا عليها نيّفا وأربعين يوما، ثم ملكوها بالأمان في سنة تسعين. وأحسن الأفضل إلى سقمان وأبي الغازي ومن معهما، وخلّى سبيلهم، فسار سقمان إلى بلد الرّها وأبو الغازي إلى بلد العراق، وولّى الأفضل على بيت المقدس ورجع إلى مصر. ثم سارت الفرنج إلى بيت المقدس وحاصروه نيّفا وأربعين يوما، ونصبوا عليه برجين ثم اقتحموها من الجانب الشماليّ لسبع بقين من شعبان، واستباحوها أسبوعا، ولجأ المسلمون إلى محراب داود عليه السلام واعتصموا به إلى أن استنزلهم الفرنج بالأمان، وخرجوا إلى عسقلان وقتل بالمسجد عند الشجرة سبعون ألفا، وأخذوا من المسجد نيّفا وأربعين قنديلا من الفضّة يزن كل واحد منها ثلاثة آلاف وستمائة، وتنّورا من الفضّة يزن أربعين رطلا بالشامي، ومائة وخمسين قنديلا من الصفر وغير ذلك مما لا يحصى. وأجفل أهل بيت المقدس وغيرهم من أهل الشام إلى بغداد باكين على ما أصاب الإسلام ببيت المقدس من القتل والسبي والنهب. وبعث الخليفة أعيان العلماء إلى السلطان بركيارق وإخوته محمد وسنجر بالمسير إلى الجهاد فلم يتمكنوا من ذلك، للخلاف الّذي كان بينهم. ورجع الوفد مؤيسين [١] من نصرهم. وجمع الأفضل أمير الجيوش بمصر العساكر وسار إلى الفرنج، فساروا إليهم وكبسوهم على غير أهبة فهزموهم، وافترق عسكر مصر وقد لاذوا بخمّ الشعراء هناك فاضرموها عليهم نارا فاحترقوا وقتل من ظهر، ورجع الفرنج إلى عسقلان فحاصروها حتى أنزلوا لهم عشرين ألف دينار فارتحلوا.