للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العراق كان من أكابر الأمراء عند السلطان عز الدين مسعود صاحب الموصل وكانا يغريانه بمجاهد الدين ويكثران السعاية عنده فيه حتى اعتزم على نكبته ولم يقدر على ذلك في مجلسه لاستبداد مجاهد الدين وقوّة شوكته فانقطع في بيته لعارض مرض وكان مجاهد الدين خصيا لا يحتجب منه النساء فدخل عليه يعوده فقبض عليه وركب الى القلعة فاحتوى على أمواله وذخائره وولى بها زلقندار [١] نائبا وجعل ابن صاحب العراق أمير حاجبا وحكمهما في دولته وكان في يد مجاهد الدين اربل وأعمالها فيها زين الدين يوسف بن زين الدين علي كجك صبيا صغيرا تحت استبداده وبيده أيضا جزيرة ابن عمر لمعز الدين سنجر شاه بن سيف الدين غازي وهو صبيّ تحت استبداده وبيده أيضا شهرزور وأعمالها ودقوقا وقلعة عقر الحميدية ونوابه في جميعها ولم يكن لعز الدين مسعود بعد استيلاء صلاح الدين على الجزيرة سوى الموصل وقلعتها لمجاهد الدين وهو الملك في الحقيقة فلما قبض عز الدين عليه امتنع صاحب اربل واستبدّ بنفسه وكان صاحب جزيرة ابن عمر وبعث بطاعته الى صلاح الدين وبعث الخليفة الناصر شيخ الشيوخ وبشير الخادم بالصلح بين عز الدين وصلاح الدين على أن تكون الجزيرة واربل من أعماله وامتنع عز الدين وقال هما من أعمالي وطمع صلاح الدين في الموصل فتنكر عز الدين لزلقندار ولابن صاحب العراق لما حملاه عليه من الفساد لنكبة مجاهد الدين فبدأ أوّلا بعزل صاحب أذربيجان فقال له أنا أكفيكه وجهز له عسكرا نحو ثلاثة آلاف فارس وساروا نحو اربل فاكتسحوا البلد وخربوها وسار اليهم زين الدين يوسف بإربل فوجدهم مفترقين في النهب فهزمهم وما كان معهم وعاد مظفرا ولحق العجم ببلادهم وعاد مجاهد الدين الى الموصل والله سبحانه وتعالى ولىّ التوفيق.

[حصار صلاح الدين الموصل وصلحه مع عز الدين صاحبها]

ثم سار صلاح الدين من دمشق في ذي القعدة سنة احدى وثمانين فلما انتهى الى حران قبض على صاحبها مظفر الدين كوكبري لانه كان لذلك وعده بخمسين ألف دينار حتى إذا وصل لم يف له بها فقبض عليه لانحراف أهل الجزيرة عنه فأطلقه ورد عليه عمله بحران والرها وسار عن حران وجاء معه عساكر كيفا وداري وعساكر جزيرة ابن عمر مع صاحبها معز.

الدين سنجر شاه ابن أخي عز الدين صاحب الموصل وقد كان استبدّ بأمره وفارق طاعة عمه بعد نكبة مجاهد الدين كما قلناه فساروا مع صلاح الدين الى الموصل ولما انتهوا الى مدينة


[١] وفي نسخة ثانية القندار وكذا في هذه النسخة في مكان آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>