للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن علي من بين يديه إلى المسلمين بالدخول فافتتحوا من الثلمة ورآهم وبدوا فخاف فقال له المعتصم: كل شيء تريده هو لك. ودخل المسلمون المدينة وامتنع الروم بكنيستهم وسطها فأحرقها المسلمون عليهم. وامتنع باطيس البطريق في بعض أبراجها حتى استنزله المعتصم بالأمان، وجاء الناس بالأسرى والسبي من كل جانب، واصطفى الأشراف وقتل من سواهم وبيعت مغانمهم في خمسة أيام وأحرق الباقي.

ووثب الناس على المغانم في بعض الأيام ينهبونها فركب المعتصم وسار نحوهم فكفئوا بعمورية فهدمت وأحرقت وحاصرها خمسة وخمسين يوما من سادس رمضان إلى آخر شوّال، وفرّق الأسرى على القوّاد ورجع نحو طرطوس [١] . ولم يزل نوفل مملكا على الروم إلى أن هلك سنة تسع وعشرين ومائتين في ولاية الواثق، ونصبوا ابنه ميخاييل في كفالة أمّه ندورة فأقامت عليهم ست سنين ثم اتهمها ابنها ميخاييل بقمط من أقماطها عليها وألزمها بيتها سنة ثلاث وثلاثين.

[حبس العباس بن المأمون ومهلكه]

كان المعتصم يقدّم الأفشين على عجيف بن عنبسة ولما بعثه إلى زبطرة لم يطلق يده في النفقات كما أطلق للأفشين وكان يستقصر شأن عجيف وأفعاله، فطوى عجيف على النكث ولقي العباس بن المأمون فعذله على قعوده عند وفاة المأمون عن الأمر حتى بويع المعتصم وأغراه قبلا في ذلك فقبل العباس منه، ودسّ رجلا من بطانته يقال له السّمرقندي قرابة عبد الله بن الوضّاح وكان له أدب ومداراة فاستأمن له جماعة من القوّاد ومن خواص المعتصم فبايعوه وواعد كل واحد منهم أن يثب بالقائد الّذي معه فيقتله من أصحاب المعتصم والأفشين وأشناس بالرجوع إلى بغداد فأبى من ذلك وقال: لا أفسد العراق. فلما فتحت عمّورية وصعب التدبير بعض الشيء أشار عجيف بأن يضع من ينهب الغنائم فإذا ركب المعتصم وثبوا به ففعلوا مثل ما ذكرنا. وركب فلم يتجاسروا عليه. وكان للفرغاني قرابة غلام أمرد في جملة المعتصم فجلس مع ندمان الفرغاني تلك الليلة وقص عليهم ركوب المعتصم فأشفق الفرغاني وقال يا بني أقلل من المقام عند أمير المؤمنين والزم خيمتك، وإن سمعت هيعة فلا


[١] طرسوس: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>