المرابطين سنة أربع وثمانين، وأجاز إلى العدوة ونزل على آل حمّاد بالقلعة، وبها مات ولده والله وارث الأرض ومن عليها.
[الخبر عن بني هود ملوك سرقسطة من الطوائف صارت اليهم من بني هاشم وما كان من أوليتهم ومصاير أمورهم]
كان منذر بن مطرف بن يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن هاشم التجيبي صاحب الثغر الأعلى، وكان بين المنصور وعبد الرحمن منافسة على الإمارة والرئاسة، وكانت دار إمارته سرقسطة، ولما بويع المهدي بن عبد الجبّار وانقرض أمر العامريّين، وجاءت فتنة البربر كان مع المستعين حتى قتل هشام مولاه، فامتعض لذلك وفارقه وبايع المرواني للمرتضى مع مجاهد ومن اجتمع إليه من الموالي والعامريّين، وزحفوا الى غرناطة فلقيهم زاوي بن زيري وهزمهم. ثم ارتابوا بالمرتضى ووضعوا عليه من قتله مع خيران بالمريّة، واستبدّ منذر هذا بسرقسطة والثغر وتلقّب بالمنصور، وعقد ما بين طاغية جليقة وبرشلونة وبنيه، وهلك سنة أربع عشرة، وولي ابنه وتلقّب المظفّر وكان أبو أيوب سليمان بن محمد بن هود الجذامي من أهل نسبهم مستبدا بمدينة تطيلة، ولّاها منذ أوّل الفتنة، وجدّهم هود هو الداخل للأندلس ونسبه الأزد إلى سالم مولى أبي حذيفة. قال هود بن عبد الله بن موسى بن سالم: وقيل هود من ولد روح بن زنباع، فتغلّب سليمان على المظفّر يحيى بن المنذر وقتله سنة إحدى وثلاثين، وملك سرقسطة والثغر الأعلى، وابنه يوسف المظفّر لاردة. ثم نشأت الفتنة بينهما وانتصر المقتدر بالإفرنج والبشكنس فجاءوا لميعاده فوقعت الفتنة بين المسلمين وبينهم ثائره، وانصرفوا إلى يوسف صاحب لاردة فحاصرهم بسرقسطة، وذلك سنة ثلاث وأربعين. وهلك أحمد المقتدر سنة أربع وسبعين لتسع وثلاثين سنة من ملكه، فولي بعده ابنه يوسف المؤتمن، وكان قائما على العلوم الرياضيّة، وله فيها تآليف مثل الاستهلال والمناظر ومات سنة ثمان وسبعين، وهي السنة التي استولى فيها النصارى على طليطلة من يد القادر بن ذي النون. وولي بعده المستعين وعلى يده كانت وقعة وشقه، زحف سنة تسع وثمانين في آلاف لا تحصى من المسلمين، وهلك فيها خلق نحو عشرة آلاف، ولم يزل أميرا بسرقسطة إلى أن هلك شهيدا سنة ثلاث وخمسمائة ابن خبدون م ١٤ ج ٤