للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدحرجون الحجارة على المقاتلة فلا يقوم لها شيء فلما تعب أهل هذه النوبة عادوا وصعد خاصة صلاح الدين فقاتلوا قتالا شديدا وصلاح الدين وتقي الدين ابن أخيه يحرضانهم حتى أعيوا وهموا بالرجوع فصاح فيهم صلاح الدين وفي أهل النوبة الثانية فتلاحقوا بهم وجاء أهل نوبة عماد الدين على أثرهم وحمي الوطيس وردّوا الإفرنج على أعقابهم إلى حصنهم فدخلوا ودخل المسلمون معهم وكان بقية المسلمين في الخيام شرقي الحصن وقد أهمله الإفرنج فعمد أهل الخيام من تلك الناحية واجتمعوا مع المسلمين في أعقاب الإفرنج عند الحصن فملكوه عنوة وجاء الإفرنج إلى قبة الحصن ومعهم جماعة من أسارى المسلمين في القيود فلما سمعوا تكبير إخوانهم خارج القبة كبروا فدهش الإفرنج وظنوا أن المسلمين خالطوهم فألقوا باليد وأسرهم المسلمون واستباحوهم وأحرقوا البلد وأسروا صاحبها وأهله وولده وافترقوا في أسراهم فجمعهم صلاح الدين حتى إذا قارب انطاكية بعثهم إليها لأن زوجة صاحب أنطاكية كانت تراسل صلاح الدين بالأخبار وتهاديه فرعي لها ذلك والله تعالى ولي التوفيق.

[فتح دربساك]

ولما فرغ صلاح الدين من حصن برزية دخل من الغد إلى الجسر الجديد على نهر العاصي قرب انطاكية فأقام عليه فلحق به فخلف العسكر ثم سار إلى قلعة دربساك ونزل عليها في رجب من السنة وهي معاقل الفداوية التي يلجئون إلى الاعتصام بها ونصب عليها المجانيق حتى هدم من سورها ثم هجمها بالمزاحفة وكشف المقاتلة عن سورها ونقبوا منها برجا من أسفله فسقط ثم باكروا الزحف من الغد وصابرهم الإفرنج ينتظرون المدد من صاحبهم سمند صاحب انطاكية فلما تبينوا عجزه استأمنوا صلاح الدين فأمنهم في أنفسهم فقط وخرجوا إلى انطاكية وملك الحصن في عشرين من رجب من السنة والله تعالى أعلم.

[فتح بغراس]

ثم سار عماد الدين عن دربساك إلى قلعة بغراس على تعدّدها وقربها من انطاكية فيحتاج مع قتالها إلى ردء من العسكر بينه وبين انطاكية فحاصرها ونصب عليها المجانيق فقصرت عنها لعلوّها وشق عليهم حمل الماء إلى أعلى الجبل وبينما هم في ذلك إذ جاء رسولهم يستأمن لهم فأمنهم في أنفسهم فقط كما أمن أهل دربساك وتسلم القلعة بما فيها وخربها فجددها ابن اليون صاحب الأرمن وحصنها وصارت في إيالته والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>