للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففعل فيه مثل ذلك وهرب أهله منه ومارس على بلديهما [١] ثم سار عسكر من الإفرنج إلى مدينة صيدا فملكوها على الأمان وأشفق المسلمون من استيلاء الإفرنج على الشام وراسلوهم في الهدنة فامتنعوا الا على الضريبة فصالحهم رضوان صاحب حلب على اثنين وثلاثين ألف دينار وعدّة من الخيول والثياب وصاحب صور على سبعة آلاف دينار وابن منقذ صاحب شيرز [٢] على أربعة آلاف دينار وعلي الكردي صاحب حماة على ألفي دينار ومدّة الهدنة إلى حصاد الشعير ثم اعترضت مراكب الإفرنج مراكب التجار من مصر فأخذوها وأسروهم وسار جماعة من أهل حلب إلى بغداد للنفير فدخلوها مستغيثين ومعهم خلق من الفقهاء والغوغاء وقصدوا جامع السلطان يوم الجمعة فمنعوا الناس من الصلاة بضجيجهم وكسروا المنبر فوعدهم السلطان بإنفاذ العساكر للجهاد وبعث من دار الخلافة منبرا للجامع ثم قصدوا في الجمعة الثانية جامع القصر في مثل جمعهم ومنعهم صاحب الباب فدفعوا ودخلوا الجامع وكسروا شبابيك المقصورة والمنبر وبطلت الجمعة وأرسل الخليفة إلى السلطان في رفع هذا الحزن فأمر الأمراء بالتجهز للجهاد وأرسل ابنه الملك مسعودا مع الأمير مودود صاحب الموصل ليلحق به الأمراء ويسيروا جميعا إلى قتال الإفرنج.

[مسير الأمراء السلجوقية إلى قتال الإفرنج]

ولما سار مسعود ابن السلطان مع الأمير مودود إلى الموصل اجتمع معهم الأمراء سقمان القطبي صاحب ديار بكر وابنا برسق إبلتكي وزنكي أصحاب همذان والأمير أحمد بك صاحب مراغة وأبو الهيجاء صاحب أربل وأياز بن أبي الغازي بعثه أخوه صاحب ماردين وساروا جميعا إلى سنجار وفتحوا عدّة حصون للإفرنج ونزلوا على مدينة الرها وحاصروا واجتمعوا مع الإفرنج على الفرات وخام الطائفتان عن اللقاء وتأخر المسلمون إلى حران يستطردون للإفرنج لعلهم يعبرون الفرات فخالفهم الإفرنج إلى الرها وشحنوها أقواتا وعدّة وأخرجوا الضعفاء منها ثم عبروا الفرات إلى نواحي حلب لأن الملك رضوان صاحبها لما عبروا إلى الجزيرة ارتجع بعض الحصون التي كان الإفرنج أخذوها بأعمال حلب فطرقوها الآن فاكتسحوا نواحيها وجاءت عساكر السلطان إلى الرها وقاتلوها فامتنعت عليهم فعبروا الفرات وحاصروا قلعة تل


[١] هنا عبارة سقطت أثناء النسخ أو الطبع. وفي الكامل: فلما سمع أهل منبج بذلك فارقوها خوفا من الفرنج وكذلك أهل بالس. وقصد الفرنج البلدين فرأوهما وليس بهما أنيس فعادوا عنها.
[٢] شيزر. قلعة تشمل على كورة بالشام قرب المعرة، بينها وبين حماة يوم. وهي قديمة ذكرها امرؤ القيس في قوله:
تقطع أسباب اللبانة والهوى عشبة جاوزنا حماة وشيزرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>