[رجوع حماة إلى بني المظفر شاهنشاه بن أيوب ثم لبني الأفضل منهم وانقراض أمرهم]
قد كان تقدّم لنا أن حماة كانت من أقطاع تقيّ الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب أقطعه إياها عمه صلاح الدين بن أيوب سنة أربع وسبعين وخمسمائة فلم تزل بيده إلى أن توفي سنة سبع وثمانين وخمسمائة فأقطعها ابنه ناصر الدين محمدا ولقبه المنصور وتوفي سنة سبع عشرة وستمائة بعد عمه صلاح الدين والعادل فوليها ابنه قليج أرسلان ويلقب الناصر سنة ست وعشرين وكان أخوه المظفر ولي عهد أبيه عند الكامل بن العادل فجهزه بالعساكر من دمشق وملكها من يد أخيه وأقام بها إلى أن هلك سنة ثلاث وأربعين وولي ابنه محمد ويلقب المنصور ولم يزل في ولايتها إلى أن سار يوسف بن العزيز ملك الشام من بني أيوب هاربا إلى مصر أيام التتر فسار معه المنصور صاحب حماة وأخوه الأفضل ثم خشي من الترك بمصر فرجع إلى هلاكو واستمرّ المنصور إلى مصر فأقام بها وملك هلاكو الشام وقتل الناصر وسائر بني أيوب كما مرّ ثم سار قطز إلى الشام عند ما رجع هلاكو عنه عند ما شغل عنه بفتنة قومه فارتجعه من ملكة التتر وولى على قواعده وأمصاره وردّ المنصور إلى حماة فلم يزل واليا عليها وحضر واقعة على التتر بحمص سنة ثلاثين وكان يتردّد إلى مصر سائر أيامه ويخرج مع البعوث إلى بلاد الأرمن وغيرها ويعسكر مع ملوك مصر متى طلبوه لذلك ثم توفي ثلاث وثمانين وأقرّ قلاون ابنه المظفر على ما كان أبوه وجرى هو معهم على سننه إلى أن توفي سنة ثمان وتسعين عند ما بويع الناصر محمد بن قلاون بعد لاشين، وانقطع عقب المنصور فولى السلطان عليها قراسنقر من أمراء الترك نقله إليها من الضبينة وأمره باستقرار بني أيوب وسائر الناس على أقطاعاتهم ثم كان استيلاء قازان على الشام ورجوعه سنة تسع وتسعين ومسير بيبرس وسلار وانتزاع الشام من التتر وكان كيبغا العادل الّذي ملك مصر وخلعه لاشين نائبا بصرخد فجلا في هذه الوقائع وتنصح لبيبرس وسلار وحضر معهم بدمشق فولوه على حماة وغزا بالعساكر بلاد الأرمن وحضر هزيمة التتر مع الناصر سنة اثنتين وسبعمائة فرجع إلى حماة فمات بها وولى السلطان بعده سيف الدين قفجق استدعاه إليها من أقطاعه بالشويك وكان الأفضل علاء الدين أخو المنصور صاحب حماة توفي أيام أخيه المنصور وخلف ولدا اسمه إسماعيل ولقبه عماد الدين ونشأ في دولتهم عاكفا على العلم والأدب حتى توفر منهما حظه وله كتاب في التاريخ مشهور ولما رجع السلطان الناصر من الكرك إلى كرسيه وسطا ببيبرس وسلار راجع نظره في الإحسان إلى أهل هذا البيت واختار منهم عماد الدين إسماعيل هذا