إلى الوزير عمر وسلطانه فتقبّل وحل محل التكرمة والردافة للوزارة واستقرّ كل بمكانه.
وتوادعوا أمرهم إلى ما كان من خلع عبد المؤمن لأخيه عبد الحليم، ما نذكره إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن بيعة العرب لعبد المؤمن وخروج عبد الحليم الى المشرق)
لما رجع عبد الحليم بعد عقد السلم مع الوزير عمر إلى سجلماسة واستقرّ بها وكان عرب المعقل من ذوي منصور فريقين: الأحلاف وأولاد حسين. وكانت سجلماسة وطنا للأحلاف وفي مجالاتهم منذ أوّل أمرهم ودخولهم المغرب. وكان من أولاد حسين في ممالأة الوزير عمر ما قدّمناه، فكانت صاغية السلطان عبد الحليم إلى الأحلاف بسبب ذلك أكثر، فأسفّ ذلك أولاد حسين على الأحلاف وتجدّدت لذلك الفتنة وتزاحفوا. وأخرج السلطان عبد الحليم أخاه عبد المؤمن لرقع ما بينهما من الخرق ولأمته، فلما قدم على أولاد حسين دعوه إلى البيعة والقيام بأمره فأبى فأكرهوه عليها وبايعوه. وزحفوا إلى سجلماسة في صفر من سنة أربع وستين وستمائة وبرز عبد الحليم إليهم في أوليائه من الأحلاف وتواقفوا مليا وعقلوا رواحلهم وانكشف الأحلاف وانهزموا. وهلك يحيى بن رحّو كبير المشيخة من بني مرين يومئذ في حربهم. وتغلّبوا على سجلماسة، ودخل إليها عبد المؤمن وتخلّى له أخوه عبد الحليم عن الأمر وخرج إلى المشرق لقضاء فرضه، فودّعه وزوّده بما أرادوا وارتحل إلى الحج وقطع المفازة إلى بلد مالي من السودان. وصحب منها ركّاب الحج إلى مصر، ونزل على أميرها المتغلّب على سلطانها يومئذ، وهو مليغا الحاصكي [١] وأنهى خبره إليه وعرف بمكانه، فاستبلغ في تكريمه بما يناسب بيته وسلطانه. وقضى حجه وانصرف إلى المغرب، فهلك بقرب الإسكندرية سنة ست وستين وسبعمائة واستقل عبد المؤمن، بأمر سجلماسة حتى كان من نهوض العسكر إليه ما نذكره إن شاء الله تعالى.