سباسي فنزل بعض الأيام في منزلة على قليل من الماء، وازدحم الناس على الورود واستأثر به أهل الدولة والحاشية، فقاتلهم عليه الجمهور، ووقعت في العساكر لذلك هيعة. وخالفهم الدعرة إلى الخيام ينهبون ويتخطّفون. وكان داود وأحياؤه متابعا للعسكر على قرب يتخطّف الناس من حولهم، فشعر بتلك الهيعة فركب في قومه وصدم العساكر وهم في تلك الحال فولّوا منهزمين، والسلطان والوزير ثابتان في موقفهما يحرّضان الناس على الثبات، فلم يثبت أحد، فانصرفا مع المنهزمين في فلّ وأتبعهم داود وأثخن فيهم بالقتل. ثم رجع إلى العسكر وقد غنمه أصحابه فآثرهم بالغنائم، وقسّم فيهم ما حصل له وقعد على كرسيّ السلطان، وأقام عسكره ثلاثة أيام ولياليها على ظهر خشية من كرّ العسكر السلطانية عليهم. ونجا السلطان إلى غزنة فدخلها في شوّال سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة وقبض على سباسي وغيره من الأمراء، وسار طغرلبك إلى نيسابور فملكها آخر إحدى وثلاثين وأربعمائة، ونهب عسكره أهلها، وكان بها هرج عظيم من الدعرة. وكانوا ينالون من الناس بالنهب والزنا والقتل فارتدعوا لذلك لهيبة طغرلبك، وسكن الناس. وملك السلجوقية البلاد فسار بيقو إلى هراة فملكها وسار داود إلى بلخ وبها الحاجب التوتناش فاستخلفه السلطان عليها، فأرسل إليه داود في الطاعة فسجن الرسل، وحاصره داود. وبعث السلطان مسعود جيشا كثيفا لإمداده، ودفع السلجوقية عن البلاد، فسار فريق منهم إلى الرخّج، فدفعوا من كان بها من السلجوقية وهزموهم، وأفحشوا في قتلهم وأسرهم.
وسار فريق منهم إلى بيقو في هراة فقاتلوه ودفعوه عنها ثم بعث السلطان ابنه مودود بعساكر أخرى، وجعل معه وزيره أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد الصمد يدبّره، فسار عن غزنة سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة فلما قارب بلخ وداود يحاصرها، بعث داود جماعة من عسكره فلقوا طلائع مودود فهزمهم، فلمّا وصلت منهزمة تأخّر مودود عن نهايته، وأقام وسمع التوتناش بأحجام مودود عنه فأطاع داود وخرج إليه.
[(خلع السلطان مسعود ومقتله وولاية أخيه محمد مكانه)]
ولما بعث السلطان ولده مودود إلى خراسان لمدافعة السلجوقية عنها، وأقام بعده سبعة