للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمرقند وأشر وسنّة وفرغانة وسمّاهم الفرغانة، وأكثر من صبيانهم، وكانوا يركضون الدواب في الطرق ويختلفون بها ركضا، فيصدمون النساء والصبيان فتتأذى العامة بهم، وربما انفرد بعضهم فقتلوه وتأذى الناس من ذلك ونكروه وربما أسمعوا النكير للمعتصم، فعمد إلى بناء القاطون، وكانت مدينة بناها الرشيد ولم يستتمها وخربت، فجدّدها المعتصم وبناها سنة عشرين وسماها سرّ من رأى فرخّمها الناس سامرا وسارت دارا لملكهم من لدن المعتصم ومن بعده واستخلف ببغداد حتى انتقل إليها ابنه الواثق.

[نكبة الفضل بن مروان]

كان للمعتصم في ولاية أخيه كاتب يعرف بيحيى الجرمقاني [١] ، واتصل به الفضل بن مروان وهو من البردان، وكان حسن الخط. فلما هلك الجرمقاني استكتبه المعتصم وسار معه إلى الشام فأثرى. ولما استخلف المعتصم استولى على هواه واستتبع الدواوين واحتجر الأموال ثم صار يرد أوامر المعتصم في العطايا ولا ينفّذها، واختلفت فيه السعايات عند المعتصم ودسّوا عليه عنده من ملأ مجلسه ومساخره من يعيّر المعتصم باستبداده عليه وردّ أوامره فحقد له ذلك. ثم نكبه سنة عشرين وصادره وجميع أهل بيته، وجعل مكانه محمد بن عبد الملك بن الزيات وغرّب الفضل إلى بعض قرى الموصل [٢] قد تقدّم لنا حديث بابك الخرّمي (محاربة بابك الخرمي) وظهوره سنة اثنتين ومائتين بدعوة جاوندان بن سهل، واتّخذ مدينة البرّ [٣] لامتناعه وولى المأمون حروبه، فهزم عساكره وقتل جماعة من قوّاده وخرب الحصون فيما بين أردبيل وزنجان، فلما ولي المعتصم بعث أبا سعيد محمد بن يوسف فبنى الحصون التي خرّبها وشحنها بالرجال والأقوات، وحفظ السابلة لجلب الميرة. وبينما هو في ذلك أغارت بعض سرايا بابك بتلك النواحي فخرج في طلبهم واستنقذ ما أخذوه، وقتل كثيرا وأسر أكثر، وبعث بالرءوس والأسرى إلى المعتصم. وكان ابن البعيث أيضا في قلعة له حصينة من كور أذربيجان ملكها من يد


[١] الجرمقاني: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٥٣.
[٢] بياض في الأصل وفي الكامل لابن الأثير ج ٦ ص ٤٥٤: «فنفى الفضل إلى قرية في طريق الموصل تعرف بالسنّ وصار محمد وزيرا كاتبا.»
[٣] وفي نسخة اخرى مدينة البذّ (وفي الكامل لابن الأثير ج ٦ ص ٤٥٧.)

<<  <  ج: ص:  >  >>