ابن الرواد، وكان يصانع بابك ويضيف سراياه إذا مرّوا به. ومرّ به في هذه الأيام قائده عصمة، وأضافه على العادة، ثم قبض عليه وقتل أصحابه وبعث به إلى المعتصم، فسأله عن عورات بلاد بابك فدلّه عليها. ثم حبسه وعقد لقائده الأفشين حيدر بن كاوس على الجبال، ووجّهه لحرب بابك، فسار إليها ونزل بساحتها وضبط الطرقات ما بينه وبين أردبيل، وأنزل قوّاده في العساكر ما بينه وبين أردبيل يتلقّون الميرة من أردبيل من واحد إلى الآخر حتى تصل عسكر الأفشين. وكان إذا وقع بيده أحد من جواسيس بابك يسأله عن إحسان بابك إليه فيضاعفه ويطلقه. ثم إنّ المعتصم بعث بغا الكبير بمدد الأفشين بالنفقات وسمع بابك فاعتزم على اعتراضه وأخبر الأفشين بذلك بعض جواسيسهم، فكتب إلى بغا أن يرتحل من حصن النهر قيلا [١] ثم يرجع إلى أردبيل ففعل ذلك. وجاءت الأخبار إلى بابك وركب الأفشين في يوم مواعدته لبغا واغذّ المسير، وخرجت سريّة بابك فلقيت قافلة النهر ولم يصادفوا بغا فيها فقتلوا من وجدوا فيها من الجند وفاتهم المال. ولقوا في طريقهم الهيثم من قوّاد الأفشين فهزموه وامتنع بحصنه، ونزل بابك عليه يحاصره وإذا بالأفشين قد وصل، فأوقع بهم وقتل الكثير من جنده، ونجا بابك إلى موقان وأرسل إلى عسكره في البرّ فلحقت به، وخرج معهم من موقان إلى البذّ. ولما رجع الأفشين إلى عسكره استمرّ على حصار بابك وانقطعت عنه الميرة من سائر النواحي، ووجه صاحب مراغة إليه ميرة فلقيتها سرية من سرايا بابك فأخذوها، ثم خلص إليه بغا بما معه من المال ففرّقه في العساكر، وأمر الأفشين قوّاده فتقدّموا ليضيّقوا الحصار على بابك في حصن البذّ، ونزل على ستة أميال منه. وسار بغا الكبير حتى أحاط بقرية البذّ وقاتلهم وقتلوا منهم جماعة فتأخر إلى خندق محمد بن حميد من القوّاد، وبعث إلى الأفشين في المدد، فبعث إليه أخاه الفضل وأحمد بن الخليل بن هشام وأبا خوس وصاحب شرطة الحسن بن سهل، وأمره بمناجزتهم إلى الحرب في يوم عيّنه له، فركبوا في ذلك اليوم، وقصدوا البذّ وأصابهم برد شديد ومطر، وقاتل الأفشين فغلب من بإزائه من أصحاب بابك واشتدّ عليهم المطر فنزلوا واتخذ بغا دليلا أشرف به على جبل يطل منه على الأفشين ونزل عليهم الثلج والضباب فنزلوا منازلهم. وعمد بابك إلى الأفشين ففضّ معسكره وضجر أصحاب بغا من مقامهم في رأس الجبل فارتحل بهم ولا يعلم