للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فتح المدائن وجلولاء بعدها]

ولما انهزم أهل فارس بالقادسية انتهوا إلى بابل وفيهم بقايا الرؤساء النخيزجان ومهران الأهوازي والهرمزان وأشباههم واستعملوا عليهم الفيرزان. وأقام سعد بعد الفتح شهرين وسار بأمر عمر إلى المدائن وخلف العيال بالعتيق في جند كثيف حامية لهم، وقدّم بين يديه زهرة بن حيوة وشرحبيل بن السمط وعبد الله بن المعتمر [١] ، ولقيهم بعض عساكر الفرس برستن فهزموهم حتى لحقوا ببابل. ثم جاء سعد وسار في التعبية ونزلوا على الفيرزان ومن معه ببابل، فخرجوا وقاتلوا المسلمين، فانهزموا وافترقوا فرقتين ولحق الهرمزان بالأهواز والفيرزان بنهاوند وبها كنوز كسرى، وسار النخيزجان ومهران إلى المدائن فتحصنوا وقطعوا الجسر. ثم سار سعد من بابل على التعبية وزهرة في المقدمة، وقدم بين يديه بكير بن عبد الله الليثي وكثير بن شهاب السبيعي [٢] حتى عبرا ولحقا بأخريات القوم، فقتلا في طريقهما اسوارين من أساورتهم، ثم تقدموا إلى كوثى [٣] وعليها شهريار فخرج لقتالهم فقتل وانهزم أصحابه فافترقوا في البلاد. وجاء سعد فنفل قاتله سلبه.

وتقدّم زهرة إلى ساباط فصالحه أهلها على الجزية وهزم كتيبة كسرى، ثم نزلوا جميعا نهرشير [٤] من المدائن، ولما عاينوا الإيوان كبروا وقالوا: هذا أبيض كسرى هذا ما وعد الله. وكان نزولهم عليها ذا الحجة سنة خمس عشرة فحاصروها ثلاثة أشهر ثم اقتحموها، وكانت خيولهم تغير على النواحي وعهد إليهم عمر أن من أجاب من الفلاحين ولم يعن عليهم فذلك أمانة، ومن هرب فأدرك فشأنكم به. ودخل الدهاقين من غربي دجلة وأهل السواد كلهم في أمان المسلمين واغتبطوا بملكهم، واشتد الحصار على نهرشير ونصبوا عليها المجانيق واستلحموهم في المواطن، وخرج بعض المرازبة يطلب البراز، فقاتله زهرة بن حيوة فقتلا معا، ويقال إن زهرة قتله شبيب الخارجي أيام الحجاج. ولما ضاق بهم الحصار ركب إليهم الناس بعض الأيام


[١] وفي النسخة الباريسية: ابن المعتز.
[٢] وفي النسخة الباريسية: السعدي.
[٣] وفي النسخة الباريسية: كوتا.
[٤] وفي نسخة ثانية: بهرشير.

<<  <  ج: ص:  >  >>